والمطيع والعاصي في سفره في الرخصة سواء. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - سفر المعصية لا يفيد الرخصة، لأنها تثبت تخفيفا فلا تتعلق بما يوجب التغليظ، ولنا إطلاق النصوص ولأن نفس السفر ليس بمعصية، وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره فصلح متعلق الرخصة والله أعلم.
ــ
[البناية]
[ترخص العاصي]
م:" والمطيع " ش: هو الذي يخرج للحج، أو الجهاد م:(والعاصي) ش: هو الذي يخرج لقطع الطريق، أو الإباق م:(في سفره في الرخصة سواء) ش: وفي بعض النسخ في سفرهما.
م:(وقال الشافعي: سفر المعصية لا يفيد الرخصة) ش: وبه قال مالك، وأحمد م:(لأنها) ش: أي لأن الرخصة م: (تثبت تخفيفا) ش: أي لأجل التخفيف على المكلف م: (فلا يتعلق بما يوجب التغليظ) ش: أي الذي يوجب التغليظ هو المعصية، المعنى: أن الحكم تنجيز السبب، والمعصية سبب التغليظ فكيف يثبت بها التخفيف؟
م:(ولنا إطلاق النصوص) ش: منها قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}[البقرة: ١٨٤](البقرة: آية ١٨٤) .
ومنها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فرض المسافر ركعتان» ، كل ذلك مطلقة فيقتضي ثبوت الأحكام في كل مسافر م:(ولأن نفس السفر ليس بمعصية) ش: لأنه عبارة عن خروج بريد، وهو يقوي المعصية لإمكان المفارقة بينهما م:(وإنما المعصية ما يكون بعده) ش: أي بعدما صار مسافرا كما في قطع الطريق م: (أو يجاوره) ش: أي ويجاور السفر كما في الإباق وعقوق الوالدين م: (فصلح) أي السفر م: (متعلق) ش: أي سبب م: (الرخصة والله أعلم) ش: لأن القبح المجاوز لا يتقدم المشروعية، كالصلاة في أرض مغصوبة، والبيع وقت النداء.
اعلم: أن السفر خمسة: واجب، ومندوب، ومباح، ومكروه، وحرام.
فالواجب: سفر الحج. ومندوب: مثل حج النفل، وطلب العلم، وزيارة قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجده، والصلاة في المسجد الأقصى، وزيارة الوالدين.
والمباح: سفر التجارة، والتنزه، والمكروه: السفر من بلد إلى بلد، لا لغرض صحيح. والحرام: السفر لقطع الطريق، أو الإباق، ونحوهما.
فعندنا يقصر في كل سفر، وفرقت المالكية بين العاصي بسفره، فجوزوا الرخص للثاني دون الأول، وبقولنا قال الأوزاعي، والثوري، وداود، وأصحابه والمزني، وبعض المالكية، وعن زياد بن عبد الرحمن إلا أنه نسي أن العاصي بسفر يقصر ويفطر، لكن المشهور عن مالك المنع بسفر المعصية، وهو قول الشافعي، وأحمد.
وقال النووي: وما يلحق بسفر المعصية أن يتعب نفسه ويعذب دابته بالركض بغير