قال: ويكره لحم الفرس عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو قول مالك. وقال أبو يوسف ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - والشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لا بأس بأكله لحديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل يوم خيبر»
ــ
[البناية]
ذلك على الإباحة، ونقول: ما روى غالب بن الحر يدل على الإباحة، وما روى غيره يدل على التحريم، والتاريخ مجهول فيجعل دليل الحرمة مؤخرا تغليبا للنسخ، أو يقال: معنى قوله: «كل من سمين مالك» ؛ أي كل ثمنه، كما يقال: أكل فلان عقاره أي ثمنه، قال الشاعر:
إن لنا حمرا عجافا ... يأكل كل ليلة أكانا
والمراد ثمن الأكان لا يقال حرمها لقلة الحمير يوم خيبر بل لأنها [ ... ] لم تخمس لأن ابن أبي أوفى يعني ابن [
] له ذلك، فقال له: حرمها البتة فتبين أنه ما حرمها لقلة الحمر؛ ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بإكفاء القدور بعد ما صار لحما ما بقي فيه منفعة الحمر وصار هو مأكولا وفيه منفعة القائمين بالطعام فلا بأس بالإكفاء، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأما البغال فكذلك حرام أكلها لقوله سبحانه وتعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ}[النحل: ٨] كما قد ذكرنا؛ ولأن الولد قد يتبع الأم في الحل والحرمة، وأما البغل، أو الفرس، أو الحمار، وأيا ما كان فالبغل مكروه لأن الأم مكروهة الأكل عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وقال ظهير الدين الولوالجي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " فتاواه ": أما البغال إن كان الفرس نزا على الحمار يكره لأن لما للإناث غيره بالجماع، وأما الحمار إذا نزا على الرمكة فكذلك قيل هذا قول أبي حنيفة، وأما على قولهما: فلا بأس به لأنه ليس لماء الفحل غيره فبقي ماء الأم، وعندهما لا بأس بأكل الأم وينكر أن يسمى بغلا، والظاهر أن الأول قول الكل.
[[لحم الفرس]]
م:(قال: ويكره لحم الفرس عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي قال القدوري في " مختصره ": م: (وهو قول مالك) ش: أي قول أبي حنيفة هو قول مالك، وبه قال الأوزاعي، وأبو عبيد م:(وقال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -: لا بأس بأكله) ش: وبه قال أحمد، وأبو ثور، وابن المبارك، وابن سيرين، وابن الزبير، والحسن، وعطاء، والأسود بن يزيد، وسعيد بن جبير - رَحِمَهُ اللَّهُ - م: (لحديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في لحوم الخيل يوم خيبر» ش: هذا الحديث أخرجه البخاري في غزوة خيبر، وفي الذبائح. وأخرجه مسلم في " الذبائح " عن عمرو بن دينار - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل» . ولفظ البخاري:«ورخص في لحوم الخيل» .