للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ومن غصب ساجة فبنى عليها زال ملك المالك عنها، ولزم الغاصب قيمتها. وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: للمالك أخذها والوجه عن الجانبين قدمناه، ووجه آخر لنا فيه: أن فيما ذهب إليه إضرارا بالغاصب بنقض بنائه الحاصل من غير خلف، وضرر المالك فيما ذهبنا إليه مجبور بالقيمة،

ــ

[البناية]

[[غصب ساجة فبنى عليها]]

م: (قال ومن غصب ساجة) ش: أي قال القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - والساجة بالسين المهملة وتخفيف الجيم خشبة عظيمة. وقيل خشبة منحوتة مهيأة للأساس، والأصح أنها خشبة صلبة قوية تجلب من بلاد الهند لها، ثم تعمل منها الأبواب، وأما الساحة بالحاء المهملة فستأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى م: (فبنى عليها زال ملك مالكها عنها ولزم الغاصب قيمتها) ش: وفي " الذخيرة ": هذا إذا كانت قيمة البناء أكثر من قيمة الساجة، أما إذا كانت قيمة الساجة أكثر من قيمة البناء لم يزل ملك مالكها عنها بالإجماع.

وفي " الكافي " للحاكم: وإن غصب ساجة أو خشبة فأدخلها في بنائه أو آجرة فأدخلها في بنائه أو جصا فبنى به، قال: عليه في ذلك كله قيمته، وليس للمغصوب منه نقض ما بناه وأخذ ساجته وخشبته وآجره على حوالي الساجة؛ لأنه غير متعد في البناء على ملكه فلا ينقض. وأما إذا بنى على نفس الساجة ينقض بناؤه؛ لأنه مطلقا وجعله الأصح، والدليل عليه أن القدوري بعد أن ذكر في شرحه " لمختصر الكرخي " ما ذكرناه قال في كتاب الصرف: ومن غصب درهما فجعله عروة مزادة سقط حق مالكه، والفضة لا تسقط حق مالكها عنها بالصياغة وإنما أسقط بكونها تابعة للموادة، وهذا لا يكون إلا بعمل يرفعه فيها على وجه التعدي، فدل على أن المسألة على إطلاقها، وأنه لا حق للمالك في الساجة في الوجهين على ما يأتي عن قريب.

م: (وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: للمالك أخذها) ش: أي أخذ الساجة، وبه قال زفر وأحمد ومالك - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - على ما يأتي عن قريب م: (والوجه عن الجانبين قدمناه) ش: أي الدليل في مسألة الساجة هو الذي ذكرناه من جانبنا وجانب الشافعي في المسألة المتقدمة في أول الفصل، يعني أن الغصب عندنا عدوان ويصلح سببا للملك. ولنا أنه أحدث صنعة متقومة إلى آخره. م: (ووجه آخر لنا فيه) ش: أي وجه آخر لنا في غصب الساجة، أي في تعليله م: (أن فيما ذهب إليه) ش: أي في الذي ذهب إليه الشافعي م: (إضرارا بالغاصب بنقض بنائه الحاصل من غير خلف) ش: لأن فيه إبطال حقه م: (وضرر المالك فيما ذهبنا إليه مجبور بالقيمة) ش: فكان فوات حقه مجبورا بالقيمة، وضرر الغاصب ليس بمجبور بشيء فيفوت حقه لا إلى خلف، وكان قطع حق المالك أولى من قطع حق الغاصب.

<<  <  ج: ص:  >  >>