فإن تزوجها بعد زوج آخر لم يقع بذلك الإيلاء طلاق لتقيده بطلاق هذا الملك، وهي فرع مسألة التخيير الخلافية، وقد مر من قبل. واليمين باقية لإطلاقها وعدم الحنث فإن وطئها كفر عن يمينه لوجود الحنث، فإن حلف على أقل من أربعة أشهر لم يكن موليا؛ لقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا إيلاء فيما دون أربعة أشهر،
ــ
[البناية]
[آلى الرجل من امرأته لا يقربها ثم طلقها]
م:(فإن تزوجها بعد زوج آخر لم يقع بذلك الإيلاء طلاق لتقيده بطلاق هذا الملك) ش: لأنه بمنزلة التعليق بعد القربان، وتعليق الطلاق ينحصر في طلاق ذلك الملك الذي حصل فيه التعليق م:(وهي) ش: أي هذه المسألة م: (فرع مسألة التخيير الخلافية) ش: فإنه يبطل التعليق عندنا، خلافاً لزفر م:(وقد مر من قبل) ش: أي في باب الأيمان في الطلاق م: (واليمين باقية لإطلاقها) ش: أي لإطلاق اليمين، فتكون باقية بعد الطلاق الثالث م:(وعدم الحنث) ش: بالجر عطف على إطلاقها، أي لإطلاق اليمين فتكون باقية بعد الطلاق الثالث وعدم الحنث بالجر عطف على إطلاقها أي ولعدم الحنث، إذ الكلام فيما إذا لم يطأها، قال في " المبسوط ": وإذا آلى الرجل من امرأته لا يقربها ثم طلقها يبطل الإيلاء عندنا، خلافاً لزفر، ولأن الإيلاء طلاق مؤجل، فإنما ينعقد على التطليقات المملوكة، ولم يبق شيء منها بعد وقوع الثلاث عليها، وكذا لو بانت بالإيلاء ثلاث مرات ثم تزوجها بعد زوج آخر يكون مولياً إلا عند زفر. وأما الكفارة عند الوطء فلبقاء اليمين، وإطلاقها وجود الحنث.
م:(فإن وطئها كفر عن يمينه لوجود الحنث) ش: فاليمين انحلت ووجبت الكفارة م: (فإن حلف على أقل من أربعة أشهر) ش: بأن يقول لا أقربك شهراً وهو وضع " المبسوط " أو قال: لا أقربك شهرين أو ثلاثة أشهر م: (لم يكن مولياً) ش: وبه قال الأئمة الأربعة، وأكثر العلماء منهم سعيد بن جبير، وطاوس، والأوزاعي، وأبو ثور، وأبو عبيد، واختاره ابن المنذر وهو نص القرآن.
وقال إبراهيم النخعي وقتادة وحماد وابن أبي ليلى وإسحاق: من حلف على قليل المدة أو كثيرها فتركها أربعة أشهر فهو مول، وتضرب تلك المدة بثلاثة، وبه قالت الظاهرية، وفي التحرير فكان أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يقول به، ثم رجع إلى قول ابن عباس لما صح عنده.
م:(لقول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: لا إيلاء فيما دون أربعة أشهر) ش: قال في الأصل: بلغنا ذلك عن ابن عباس، كذا نقله الأترازي واكتفى به، وغيره من الشراح سكتوا عن تخريجه، والأخصام لا يرضون بذلك.
قلت: روى هذا ابن أبي شيبة في "مصنفه "(من) حديث علي بن مسهر عن سعيد عن عامر الأحول عن عطاء عن ابن عباس قال: إذا آلى من امرأته شهرا أو شهرين أو ثلاثة ما لم يبلغ الحد فليس بإيلاء. وأخرج نحوه عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير والشعبي.