كما إذا غصب ثوبا فصبغه ثم استهلك يضمنه، ويعطيه المالك ما زاد الصبغ فيه، ولأنه واجب الرد فإذا فوته عليه خلفه قيمته كما في المستعار وبهذا فارق الهلاك بنفسه. وقولهما: يعطي ما زاد الدباغ فيه محمول على اختلاف الجنس. أما عند اتحاده فيطرح عنه ذلك القدر ويؤخذ منه الباقي لعدم الفائدة في الآخذ منه، ثم في الرد عليه.
ــ
[البناية]
قال فخر الإسلام وغيره في شروح " الجامع الصغير ": هذا إنما يستقيم إذا كان الجنس مختلفا، فأما إذا كان الجنس واحدا فلا فائدة أن يضمن الغاصب خمسة عشر درهما ويعطيه خمسا، وإنما معنى ذلك بيان قيمة مال المغصوب منه؛ لأنه لم يكن ذكيا متقوما قبل الدباغ ليعتبر ذلك، فإذا عرفت قيمته مدبوغا نظر إلى قيمته لو كان ذكيا غير مدبوغ، فيطرح ذلك من الغاصب ويعطي الباقي، ويجيء هذا عن قريب في الكتاب.
[[غصب ثوبا فصبغه ثم استهلك]]
م:(كما إذا غصب ثوبا فصبغه ثم استهلك يضمنه، ويعطيه المالك ما زاد الصبغ فيه) ش: أراد في مسألة غصب الجلد واستهلاكه بعد الدباغة كمسألة غصب الثوب واستهلاكه بعد الصبغ، حيث يضمن في كل منهما ويعطي ما زاد الدباغ والصبغ.
م:(ولأنه) ش: دليل آخر لهما، أي ولأن الجلد م:(واجب الرد) ش: ولو كان قائما م: (فإذا فوته عليه) ش: أي فإذا فوت الرد على المالك م: (خلفه قيمته) ش: أي خلف الجلد قيمته، يعني قامت مقامه، وهو من قولهم خلف فلان فلانا، يخلفه بالضم إذا كان خليفته م:(كما في المستعار) ش: يعني أن المستعار واجب الرد، فإذا فوت المستعير الرد باستهلاكه تجب عليه القيمة، فإذا فات فلا، فكذا هنا الجلد واجب الرد.
فإذا فوت وجب عليه قيمته. وإذا هلك فلا م:(وبهذا فارق الهلاك بنفسه) ش: أي ربما ذكرنا فارق الهلاك بنفسه، أي ربما ذكرنا فارق الاستهلاك الهلاك بنفسه حيث لا يضمن في الهلاك؛ لأنه لم يفوت شيئا. وكذا الوديعة بشيء لا قيمة له يضمنه بالاستهلاك دون الهلاك.
م:(وقولهما: يعطي) ش: أي قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يعطي م: (ما زاد الدباغ فيه محمول على اختلاف الجنس) ش: بأن قوم القاضي الجلد بالدراهم والضيعة بالدنانير صار الجنس متخلفا فيضمن المالك الغاصب القيمة، ويأخذ ما زاد الدباغ.
أما إذا قومهما بالدراهم أو بالدنانير وهو معنى قوله م:(أما عند اتحاده) ش: أي اتحاد الجنس م: (فيطرح عنه ذلك القدر ويؤخذ منه الباقي لعدم الفائدة في الأخذ منه، ثم الرد عليه) ش: قال فخر الإسلام: فلا فائدة، أي يضمن الغاصب خمسة عشر درهما ويعطيه خمسة كما ذكرناه عن قريب.