ولهما أن الجناية وردت على محل معصوم وتمت فيه فيجب ضمان النفس، كما إذا لم يتخلل الردة، وهذا لأنه لا معتبر بقيام العصمة في حال بقاء الجناية. وإنما المعتبر قيامها في حال انعقاد السبب، وفي حال ثبوت الحكم، وحالة البقاء بمعزل من ذلك كله، وصار كقيام الملك في حال بقاء اليمين.
وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالا فأخذ أسيرا بماله وأبى أن يسلم فقتل، فإنه يوفى مولاه ومكاتبه، وما بقي فلورثته، وهذا ظاهر على أصلهما،
ــ
[البناية]
القطع أو لم يمت، حيث لا يجب ضمان النفس في الأول، ولا ضمان اليد في الثاني بناء على الأصل المار أن المهدر لا يلحقه الاعتبار.
م:(ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن الجناية وردت على محل معصوم وتمت فيه) ش: أي في محل معصوم كأنه كان في الحالين مسلماً م: (فيجب ضمان النفس) ش: وهو الدية الكاملة م: (كما إذا لم يتخلل الردة) ش: وبه قالت الأئمة الثلاثة م: (وهذا لأنه لا معتبر بقيام العصمة في حال بقاء الجناية، وإنما المعتبر قيامها) ش: أي قيام العصمة م: (في حال انعقاد السبب) ش: وهو ضمان الجناية م: (وفي حال ثبوت الحكم) ش: يوجب الضمان م: (وحالة البقاء بمعزل من ذلك كله) ش: أي من حال انعقاد السبب من حال ثبوت الحكم، ولا يعتبر بقاء العصمة في هذه الحالة، كما لا يعتبر بنقصان الحول في الزكاة. وقال ابن دريد: أي من هدر الأمر بمعزل، أي ليفسخ.
م:(وصار كقيام الملك في حالة بقاء اليمين) ش: يعني إذا قال لعبده إن دخلت الدار فأنت حر ثم باعه ثم اشتراه ثم دخل الدار عتق أعاد على عدم الملك عند اليمين أو عند الجناية ثم يعتق.
وفرق بين الردة والبيع بأن الردة ليست بإبراء ولا مستلزم؛ لأنها وضعت لتبديل الدين، وتصح من غير إبراء؛ لأنه إذا مات على الردة لم يجب الضمان لهدر دمه بالردة، بخلاف بيع العبد المجني عليه؛ لأن البيع وضع لقطع ملكه والضمان بدل ملكه. فإذا قطع الأصل قصداً فقد قطع التبدل أيضاً، فصار كالإبراء.
ولم يذكر في الكتاب ما إذا ارتد يقتل أو مات المقطوع يده بالسراية مسلماً، فقال في " الشامل " إن كان عمداً فلا شيء عليه؛ لأن القاتل مات، وإن كان خطأ فعلى عاقلته دية النفس؛ لأن الجناية انعقدت موجبة للفعل؛ لأن الجاني كان مسلماً يوم الجناية لا جرم لو كانت الجناية في حال ردته كانت في ماله.
[ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالاً فأخذ أسيراً بماله]
م:(وإذا ارتد المكاتب ولحق بدار الحرب واكتسب مالاً فأخذ أسيراً بماله وأبى) ش: أي امتنع م: (أن يسلم فقتل فإنه) ش: أي فإن الحكم أن م: (يوفى) ش: على صيغة المجهول من وفاة حقه بالتشديد إذا أعطاه واف م: (مولاه ومكاتبه) ش: أي بدل الكتابة من ماله م: (وما بقي) ش: بعد ذلك م: (فلورثته) ش: أي فلورثة المكاتب م: (وهذا ظاهر على أصلهما) ش: أي هذا المذكور من الحكم