للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنها حرة محترمة؛ لأنها فناء الكعبة، وقد ظهر آية أثر التعظيم فيها، حتى لا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها، فكذا في حق البيع بخلاف البناء؛ لأنه خالص ملك الباني،

ويكره إجارتها أيضا، لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من أجر أرض مكة فكأنما أكل الربا»

ــ

[البناية]

ولا سيما مثل هذا الإمام.

وأما قول ابن القطان: وعلته ضعف أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإساءة أدب، وقلة حياء منه، فإن مثل الإمام الثوري، وابن المبارك وأضرابهما وثقوه وأثنوا عليه خيرا، فما مقدار من يضعفه عند هؤلاء الأعلام الأشنان، وقد أشبعنا الكلام فيه، وفي مناقبه التي جمعناها في "تاريخنا الكبير".

م: (ولأنها) ش: أي ولأن مكة م: (حرة) ش: أي خالصة لله تعالى ووقف الخليل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - موضع الحرم م: (محترمة) ش: أي لها حرمة عظيمة، وقد حرمها إبراهيم الخليل - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه وسلامه-. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ألا إن مكة حرام منذ خلق الله السماوات والأرضين» الحديث.

م: (لأنها فناء الكعبة) ش: أي لأن مكة فناء الكعبة م: (وقد ظهر آية أثر التعظيم فيها) ش: أي قد ظهر أثر تعظيم الكعبة في مكة م: (حتى لا ينفر صيدها) ش: أي لا يزعج من موضعه ولا يخوف م: (ولا يختلى خلاها) ، ش: الخلاء مقصور الرطبة من الحشيش الواحدة خلاة.

ومعنى قوله: «لا يختلى خلاها» ، أي لا يقطع خلاها م: (ولا يعضد شوكها) ش: أي لا يقطع من العضد. وهو القلع فيما إذا ظهر في هذا، فلأن يظهر في حرمة البيع كان أولى، لأن جعلها عرضة التمليك والتملك أبلغ في الإنابة من عضد الشوك وأصل الخلاء، وشغر الصيد أشار إليه بقوله: م: (فكذا في حق البيع) ش: أي فكذا يظهر في أثر تعظيمها في حق البيع م: (بخلاف البناء لأنه خالص ملك الباني) ش: فيجوز بيعه، وكمن غرس شجرا في أرض الحرم أو في أرض الوقف، أو في طريق العامة يجوز بيعه.

[[إجارة بيوت مكة]]

م: (ويكره إجارتها أيضا) ش: أي إجارة بيوت مكة م: (لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «من أجر أرض مكة فكأنما أكل الربا» ش: هذا الحديث بهذا اللفظ غريب، وإنما روى محمد بن الحسن في " الآثار " عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن عبيد الله بن أبي زياد عن أبي نجيح، عن عبد الله بن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أكل من أجور بيوت مكة شيئا فإنما يأكل نارا» . وتتقدم حديث الدارقطني عن أيمن بن نابل.

وروى عبد الرزاق في "مصنفه " أخبرنا ابن جريح قال: كان عطاء ينهى أن تؤجر بيوت

<<  <  ج: ص:  >  >>