ثم ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة؛ لأنها تعمل عمل الدباغ في إزالة الرطوبات النجسة، وكذلك يطهر لحمه وهو الصحيح،
ــ
[البناية]
وقال الماوردي والروياني: إذا جوزنا بيعه جاز رهنه وإجارته، وإن لم يجز بيعه ففي جواز إجارته وجهان كالكلب المعلم. وقيل: تجوز إجارته قطعا، وإنما القولان في بيعه ورهنه.
وأما بيعه قبل الدباغ فباطل عندنا وعند جماعة من العلماء، وحكى النووي عن أبي حنيفة جوازه كالثوب النجس، وهذا سهو منه فإن مذهب أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عدم جواز بيع جلود الميتة قبل الدباغ، ذكره في " المحيط " وفي " شرح الطحاوي ".
وفي جواز أكل الجلد المدبوغ من حيوان لا يؤكل لحمه قولان للشافعي في القديم، وطائفة منهم صححوا قول الجديد.
[[ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة]]
م:(ثم ما يطهر جلده بالدباغ يطهر بالذكاة) ش: الحاصلة من الأهل بالتسمية، فإن ذكاة المجوسي ليست بمطهرة. وقال في " البدائع ": إلا الدم وهو الصحيح من المذهب. وروى الدارقطني عن ابن عباس «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما مر بشاة ميمونة فقال:"هلا استمتعتم بجلدها" قالوا: يا رسول الله إنها ميتة قال: "إن دباغها ذكاتها في حق الجلد» فعلمنا أن الذكاة هي الأصل في الطهارة، وأن الدباغ قائم مقامها عند عدمها، ولأن الذكاة أبلغ من الدباغ؛ لأنها أسرع للدماء والرطوبات قبل التشوب والفساد بالموت، والعادة الفاشية بين المسلمين لبس جلد الثعلب والفهد والنمور والسنجاب ونحوها في الصلاة وغيرها من غير نكير، فدل على طهارته.
وفي " النهاية " وعند بعضهم: إنما يطهر جلد الحيوان بالذكاة إذا لم يكن سؤره نجسا. وذكر في " فتاوى قاضي خان " قيل: يشترط أن يكون الذكاة من أهلها في محلها وهو ما بين اللبة واللحيين، وقد سمي بحيث لو كان مأكولا ليحل أكله بتلك الذكاة. م (لأنها) ش: أي لأن الذكاة، وإنما ذكر الضمير لأن الذكاة بمعنى الذبح، وفي بعض النسخ فإنها ولا يحتاج إلى التأويل م:(تعمل عمل الدباغ في إزالة الرطوبات النجسة) ش: لأنه يمنع من اتصالها به والدباغ يزيل بعد الاتصال، ولما كان الدباغ بعد الاتصال مزيلا ومطهرا كانت الذكاة المانعة من الاتصال أولى أن يكون مطهرا م:(وكذلك يطهر لحمه) ش: أي لحم ما ذكي حتى إذا صلى ومعه من لحم الثعلب المذبوح أو نحوه أكثر من قدر الدرهم جازت صلاته م: (وهو الصحيح) ش: أي الحكم بطهارة لحمه هو الصحيح، واحترز به عما قال في " الأسرار " وغيره أنه نجس.
قلت: قد اختلف أصحابنا في طهارة لحمه وشحمه، فقال الكرخي: كل حيوان يطهر جلده