للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف

ــ

[البناية]

المتهم.

وكل فعل فيه ترك المروءة يوجب سقوط شهادته بلا خلاف بين الأئمة الأربعة، حتى لو مشى في السوق أو في مجامع الناس بسراويل واحد لا تقبل شهادته، وكذا من يمدر رجليه عند الناس ويكشف رأسه في موضع لا عادة فيه، وما أشبه ذلك مما تجتنبه أهل المروءات بلا خلاف، وفي أصحاب الصنائع الدنيئة كالكساح والزبال والكناس والحجام والحائل فيه وجهان.

قال بعض العلماء: لا تقبل شهادة أهل الصناعات، وبه قال الشافعي وأحمد - رحمهما الله - لكثرة خلفهم في الوعد، ودناة صنعتهم في المدينة، وقال عامة العلماء: يجوز إذا كانوا عدولاً، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه وأحمد ومالك - رحمهما الله - وهو الأصح؛ لأنه قد تولاها كثير من الصالحين وأهل المروءة.

وفي " المحيط " لا تقبل شهادة النخاسين والدلالين؛ لأنهم يكذبون كثيراً، فأما من عدل منهم تقبل شهادته، وبياع الأكفان لا تقبل شهادته، قال شمس الأئمة: هذا إذا ترصد لذلك العمل، فأما إذا كان يبيع ويشتري الثياب، ويشتري منه الأكفان ويقبل لعدم تمنيته الموت والطاعون.

وفي " الذخيرة ": لا تقبل شهادة الصكاكين؛ لأنهم يكتبون هذا ما اشترى فلان، وقبض المبيع والبائع ابن فلان قبض الثمن وضمن الدرك، ولم يكن شيء من ذلك، فيكون كذباً محضاً، ولا فرق في الكذب بين القول والكتابة. والصحيح أنه يقبل إذا كان غالب أحوالهم الصلاح، ولا تقبل شهادة القروي والأعرابي البدوي عند بعض العلماء.

وعند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا تقبل شهادة القروي البدوي في غير الدماء، ذكره في " الجواهر "، وقال عامة العلماء: تقبل إذا كان عدلاً عالماً بكيفية الشهادة تحملاً وأداء. وفي " مناقب أبي حنيفة " - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا تقبل شهادة البخيل، وقال مالك: - رَحِمَهُ اللَّهُ - إن أفرط في البخل لا تقبل ولا تقبل شهادة الطفيلي والمشعوذ والرقاص والمسخرة بلا خلاف.

وقال نصير بن يحيى: من شتم أهله ومماليكه كثيراً في كل ساعة لا تقبل شهادته، وإن كان أحياناً تقبل، وفي " المحيط ": لا تقبل شهادة القيام للناس والجباة، وفي " جامع شمس الأئمة " - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا تقبل شهادة من يجازف في كلامه، ولا خلاف فيه.

[[شهادة من يظهر سب السلف]]

م: (ولا تقبل شهادة من يظهر سب السلف) ش: المراد من السلف الصحابة والتابعون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وأبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - والسلف جمع سالف، وهو الدهر الماضي، وفي الشرع: اسم لكل من تقلد مذهبه ويقتفى أثره في الدين كأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأصحابه، فإنهم

<<  <  ج: ص:  >  >>