م:(كتاب الشركة) ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الشركة، والشرك بمعنى واحد، قال ابن دريد: الشرك مصدر شركته رجلان الشركة شركاه في المال، وشريك الرجل وشاركه سواء، وقال تاج الشريعة: شركته في كذا شركاء، وشركته وهو شريك، وهم شركاء، والتركيب دال على الخليط ومنه الشركة تشابكها واختلاط بعضها ببعض.
ولهذا سمي النصيب الشائع شركاء. قال الله تعالى:{أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}[فاطر: ٤٠](الأحقاف: الآية ٤) ، أي نصيب شائع، فسمي هذا العقد بها؛ لأنه سبب لإجماع النصيبين وعشر في المال وتركها في شريك الحال اجتماع النصيبين، وفي شركة العقد الإيجاب والقبول.
وقال الكاكي: للشركة مناسبة بالمفقود والإباق واللقطة من حيث إن المال أمانة في يد الشريك، كما أن الآبق واللقطة ومال المفقود في يد من كان في يده أمانة، وللشركة مناسبة خاصة بالمفقود من حيث إن قريب المفقود لو مات كان فيه اختلاط مال المفقود الحاصل من الإرث بمال غيره من الوارث على تقدير الحياة.
وفي الشركة اختلاط المالين، فكذلك ذكرها عقيب المفقود وقدم المفقود لمناسبة خاصة له بالإباق، وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - مناسبة الشركة بالمفقود من حيث إن المال في يد الشريك أمانة كما أن نصيب المفقود أمانة في يد من كان المال في يده. وأيضاً نصيب المفقود من مال مورثه مختلط بنصيب غيره كاختلاط المالين في الشركة، وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مثله أو قريباً منه.
قلت: إذا كان الذي ذكره الشراح وجهاً معتبراً في وجه المناسبة يمكن أن يذكر أحد عقب الصلاة أو الزكاة ما بأس أي من كان من أبواب الفقه؛ لأنه يمكن ذكر مناسبة بينهما مثلما ذكر. لأنه لا بد من وجه يوجد ولو كان بعيداً فيعتبر الواضع وجه المناسبة، وهذا كله بعيد وتركه أحسن.
ثم اعلم أن شرعية الشركة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول، أما الكتاب قَوْله تَعَالَى:{فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}[النساء: ١٢](النساء: الآية ١٢) ، وقوله {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[ص: ٢٤](ص: الآية ٢٤) ، والخلطاء هم الشركاء، وأما السنة فما رواه أبو داود عن محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «قال الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانا خرجت