ويجوز تطهيرها بالماء وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به
ــ
[البناية]
بالعبارة والبدن والمكان بالدلالة، وهذا لأن تطهير الثوب إنما وجب للصلاة لأنها مناجاة مع الرب وهي أعلى حالة العبد، فيجب أن يكون المصلي على أحسن حاله وذلك في طهارته وطهارة ما حل به، وقد وجب عليه تطهير الثوب بالنص مع قصور اتصاله به وتصور الصلاة بدونه في الجملة فلأن يجب عليه تطهير بدنه ومكانه مع كمال اتصالهما به لقيامه بهما وعدم تصور الصلاة بدونهما بطريق الأولى.
ويستدل أيضاً في وجوب طهارة الثوب بما روي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال - حين أجنب في ثوبه -: أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أره، ومثله عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذكرهما أبو عمر في " التمهيد ". واستدل في وجوب طهارة بدن المصلي بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الذي [أمذى] : «توضأ وانضح فرجك» رواه مسلم، والمراد من النضح الغسل، والدليل عليه ما رواه البخاري:«اغسل ذكرك وتوضأ» ، وقد ذكرنا أن النضح كثرة الصب مستدل في وجوب طهارة المكان بما رواه عن أنس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا» . قال في " الإمام ": هذا حديث صحيح أخرجه الإمام أبو بكر بن [أبي شيبة في "مصنفه "] ، فدل على اشتراط طهارة مكان الصلاة كطهارة الثياب للمتيمم ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة في الأماكن السبعة، رواه ابن ماجه لأنها مظنة النجاسات، ولما حمل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن صخرة بيت المقدس التراب والزبل الذي كان عليها نهى الناس أن يصلوا عليها حتى يصبها ثلاث مطرات، رواه حرب بإسناده، فأفاد نجاسة الزبل وأنها مانعة من جواز الصلاة عليها.
[[ما يجوز التطهير به وما لا يجوز]]
م:(ويجوز تطهيرها) ش: أي تطهير النجاسة، وقد ذكرنا أن المراد به إما المحل أو الإزالة، وإنما قال: ويجوز ولم يقل ويجب لأن استعمال عين الماء ليس بواجب عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - بل إزالة النجاسة واجبة بأي مائع طاهر مزيل كان على ما يأتي الآن م:(بالماء) ش: الباء متعلق بالتطهير م: (وبكل مائع طاهر يمكن إزالتها به) ش: أي إزالة النجاسة بالمائع الطاهر، وشرط ثلاثة أشياء في جواز استعمال غير الماء في إزالة النجاسة:
الأول: كونه مائعا يسيل كالخل ونحوه، لأنه إذا كان نجسا ليبقا كالدبس ونحوه لا يجوز.
الشرط الثاني: أن يكون المائع طاهرا لأن النجس لا يزيل النجاسة، وقال الأكمل: قوله طاهرا، احتراز من بول ما يؤكل لحمه فإن الأصح أن التطهير لا يحصل به، وقيل: يحصل حتى لو غسل الدم بذلك رخصنا فيه ما لم يفحش. قلت: لا وجه لتخصيص الاحتراز بالطاهر عن بول