ولو قال: أقسم أو أقسم بالله أو أحلف أو أحلف بالله، أو أشهد أو أشهد بالله فهو حالف، لأن هذه الألفاظ مستعملة في الحلف، وهذه الصيغة للحال حقيقة، وتستعمل للاستقبال بقرينة فجعل حالفا في الحال
ــ
[البناية]
وقال الحسين بن أبي مطيع حق يمين لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ}[المؤمنون: ٧١][المؤمنون الآية: ٧١] ، فالحق هو الله تعالى، فصار كأنه قال والله لا أفعل كذا. وقال أبو نصير: لو قال والحق لا أفعل كذا إن نوى به اسم الله تعالى فهو يمين، وإن لم يرد به اسم الله لا يكون يميناً.
وقال الأترازي: لنا نظر في قوله - بحق الله يكون يميناً - لأن الإضافة تقتضي المغايرة بين المضاف والمضاف إليه، فيكون الحق إذن لغير الله تعالى انتهى.
أراد به قول أبي نصر البلخي المذكور، قلت: الإضافة التي تقتضي المغايرة بين المضاف والمضاف إليه إذا كانت الإضافة بمعنى اللام، كما في غلام زيد، وهنا يحتمل أن تكون الإضافة بمعنى من كما في خاتم فضة، وهذا لا يخفى على المتأمل. .
[[قال أقسم أو أقسم بالله هل يكون يمينا]]
م:(ولو قال أقسم أو أقسم بالله، أو أحلف أو أحلف بالله، أو أشهد أو أشهد بالله، فهو حالف) . ش: وكذا لو قال أعزم أو أعزم بالله. وقال زفر إذا لم يقل بالله في هذا القول لا يكون يميناً، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - نوى أو لم ينو. وقال مالك: إذا نوى اليمين بقوله أقسم بالله إلى آخره يكون يميناً، وإذا أطلق فلا. وعن أحمد إذا لم يقل بالله فهو يمين أيضاً في رواية. وفي رواية كمذهبنا، سواء نوى اليمين أو لا. وفي رواية لا بد من ذكر الله.
م:(لأن هذه الألفاظ) . ش: أي أقسم وأخواته. م:(مستعملة في الحلف) . ش: أما الأول فلقوله عز وجل: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ}[القلم: ١٧](القلم الآية: ١٧) ، وأما الثاني فلقوله تعالى:{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: ٦٢](النساء الآية: ٦٢) ، وأما الثالث: فلقوله تعالى: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون: ١](المنافقون الآية ١) ، ثم قال بعد ذلك:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}[المنافقون: ٢] ثم قولهم {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}[المنافقون: ١] يميناً وهم لم يقولوا نشهد، والعزم عبارة عن قصد التبليغ الذي ينتهي إليه قصد العازم، فكان يميناً، لأنه تصريح لمعناه. م:(وهذه الصيغة) . ش: أي صيغة أقسم. م:(للحال حقيقة) . ش: بمنزلة اخترت، وكذا قول الموحد أشهد وقول الشاهد عند القاضي أشهد للحال.
م:(وتستعمل للاستقبال بقرينة) . ش: سوف والسين. م:(فجعل حالفاً) . ش: حقيقة عند الفقهاء، كذا في الشرع في جعل قول المرأة: أختار نفسي عند التخيير. م:(في الحال) . ش: عند ذكر لفظ من الألفاظ المذكورة.
فإن قيل: اليمين ما كان حاملاً ومانعاً على فعل أو ترك، وعند الترك البر موجباً للكفارة، فقوله أقسم لا يكون من البر موجباً مجرداً، لأنه لم ينعقد على فعل شيء أو تركه، وكيف يكون يميناً.