قال: وإذا قسم الميراث بين الغرماء والورثة، فإنه لا يؤخذ منهم كفيل ولا من وارث وهذا شيء احتاط به بعض القضاة، وهو ظلم وهذا وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: يأخذ الكفيل، والمسألة فيما إذا ثبت الدين والإرث بالشهادة، ولم يقل الشهود: لا نعلم له وارثا غيره.
ــ
[البناية]
[[أخذ الكفيل من الغرماء والوارث]]
م:(قال) ش: أي محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الجامع الصغير ": م: (وإذا قسم الميراث بين الغرماء والورثة، فإنه لا يؤخذ منهم كفيل) ش: أي من الغرماء م: (ولا من وارث) ش: أي ولا يؤخذ أيضا كفيل من وارث م: (وهذا شيء) ش: أي أخذ الكفيل الشيء م: (احتاط به بعض القضاة) ش: وكان ابن أبي ليلى - رَحِمَهُ اللَّهُ - يفعل كذلك بالكوفة في قضائه م:(وهو ظلم) ش: هذا دليل على أن المجتهد يخطئ ويصيب، ونص على أن الإمام أسبق الأئمة أبا حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأصحابه براءة عن مذهب أهل الاعتزال، حيث قالوا: كل مجتهد مصيب. م:(وهذا) ش: أي عدم أخذ الكفيل من الغرماء والوارث م: (عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) .
م:(وقالا: يأخذ الكفيل) ش: أي لا يدفع المال إليهم حتى يأخذ الكفيل، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قول، وأحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال في قول آخر: لا يجب أخذ الكفيل؛ بل يستحب. وقيل: إن كان الوارث ممن يحجب وجب، وإلا فلا، وقيل: إن كان الوارث مأمونا لا يجب، وإن كان غير مأمون يجب، وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وهذا الدفع إلى الوارث، إنما يصح إذا كان وارثا لا يحجب بغيره، وإن كان يحجب بغيره لا يدفع المال إليه.
وإن كان وارثا يختلف نصيبه ولا يحجب، ويدفع إليه أقل النصيبين عند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وعند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أوفر النصيبين، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه، وقول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - مضطرب، ذكره الصدر الشهيد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " أدب القاضي ".
م:(والمسألة فيما إذا ثبت الدين والإرث بالشهادة، ولم يقل الشهود: لا نعلم له وارثا غيره) ش: قيد بقوله ولم يقل الشهود.. إلى آخره؛ لأنهم إذا قالوا ذلك، يدفع إليه المال بلا أخذ كفيل بالاتفاق، وعند ابن أبي ليلى - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يثبت إرثه حتى يقول الشهود: لا وارث له سواه، ويأخذ الكفيل عنده في هذه الصورة أيضا، وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في وجه، وقال في وجه: يجب أخذ الكفيل في جميع الصور.
وإذا شهدوا أنه ابن فلان مالك هذه الدار، ولم يشهدوا على عدد الورثة، ولم يقولوا في شهادتهم: لا نعلم له وارثا غيره، فإن القاضي يتلوم زمانا على قدر ما يرى، وقدر الطحاوي مدة التلوم بالحول فإن حضر وارث غيره قسمت فيما بينتهم، وإن لم يحضر دفع الدار إليه إن كان