وإنما قيده بالسواد؛ لأنهم لا يمكنون من اتخاذ البيع والكنائس وإظهار بيع الخمور والخنازير في الأمصار، لظهور شعائر الإسلام فيها بخلاف السواد، قالوا: هذا كان في سواد الكوفة؛ لأن غالب أهلها أهل الذمة، فأما في سوادنا فأعلام الإسلام فيها ظاهرة، فلا يمكنون فيها أيضا وهو الأصح.
قال: ومن حمل لذمي خمرا، فإنه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: يكره له ذلك، لأنه إعانة على المعصية، وقد صح أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لعن في الخمر عشرا: حاملها، والمحمول إليه» .
ــ
[البناية]
م:(وإنما قيده بالسواد؛ لأنهم لا يمكنون من اتخاذ البيع والكنائس وإظهار بيع الخمور والخنازير في الأمصار، لظهور شعائر الإسلام فيها) ش: أي في الأمصار وهي الجمع والجماعات والأعياد، وإقامة الحدود على ما ذكرنا عن قريب. م:(بخلاف السواد) ش: أي أهل القرى، لأنه ليست فيه شعائر الإسلام كالأمصار.
م:(قالوا) ش: أي المشائخ م: (هذا كان في سواد الكوفة؛ لأن غالب أهلها أهل الذمة، فأما في سوادنا فأعلام الإسلام فيه ظاهرة، فلا يمكنون فيها أيضا وهو الأصح) ش: وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي، وفخر الإسلام البزدوي، عند الفضلي: لا يمنعون من ذلك في السواد، واحترز بقوله:" في الأصح " عن قوله.
[[استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا]]
م:(قال: ومن حمل لذمي خمرا فإنه يطيب له الأجر عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي قال في " الجامع الصغير ".
م:(وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: يكره له ذلك) ش: وبه قالت الثلاثة - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لا يجوز العقد عندهم أصلا، وعلى هذا الخلاف إذا استأجر من مسلم دابة أو سفينة لينقل عليها خمرا أو استأجره ليرعى خنازيره، ذكره شيخ الإسلام م: (لأنه إعانة على المعصية وقد صح أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لعن في الخمر عشرا: حاملها والمحمول إليه» ش: هذا الحديث رواه أربعة من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -:
الأول: عبد الله بن عمر، أخرج أبو داود - رَحِمَهُ اللَّهُ - في "سننه " حديثه عن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي وأبي علقمة مولاهم أنهما سمعا عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يقول: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لعن الله: الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، وآكل ثمنها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمول إليه» .