باب الموادعة ومن يجوز أمانه وإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقا منهم وكان في ذلك مصلحة للمسلمين فلا بأس به؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وإن جنحوا للسّلم فاجنح لها وتوكّل على الله}[الأنفال: ٦١](الأنفال: الآية ٦١) ، «ووادع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين»
ــ
[البناية]
[باب الموادعة ومن يجوز أمانه]
م:(باب الموادعة ومن يجوز أمانه)
ش: أي هذا باب في بيان جواز الموادعة أي المصالحة، وسميت المصالحة بالموادعة لأنها مشاركة من الودع، وهو الترك بأن يدع كل واحد فريقي المسلمين والكافرين القتال مع الآخر، وذكر ترك القتال بعد ذكر القتال ظاهر، لأن ترك الشيء يقتضي وجود ذلك الشيء سابقاً لا محالة. قوله: ومن يجوز أمانه، أي في بيان من يجوز أمانه.
م:(وإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقاً منهم، وكان في ذلك مصلحة للمسلمين فلا بأس به) ش: أي بالصلح درءاً عليه.
قوله: أن يصالح أهل الحرب، وفي بعض النسخ: وكان في ذلك مصلحة فعلى النسخة الأولى لفظ مصلحة منصوب بأنه خبر كان، وعلى النسخة الأخرى مرفوع لأنه اسم كان وخبره قوله: في ذلك، وقيد بقوله مصلحة لأنه إذا لم يكن مصلحة لا يجوز المصلحة بأن يكون المسلمين ضعف.
أو كانت الموادعة خيراً للمسلمين ذكره الكرخي في مختصره م:(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[الأنفال: ٦١] م: (الأنفال: الآية ٦١) ش: أي وإن مالوا للصلح، يقال: جنح له وإليه إذا مال، وفي السلم ثلاث لغات فتح السين وكسرها وفتحها جميعاً، وهي مما يذكر ويؤنث ولذلك قيل {فَاجْنَحْ لَهَا}[الأنفال: ٦١] .
فإن قيل: هذه الآية منسوخة في قول ابن عباس بقوله: فاقتلوا الذين لا يؤمنون، وفي قول مجاهد بقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة: ٥](التوبة: الآية ٥) ، فكيف جاز الاحتجاج بها؟ أجيب: بأن هذه الآية محمولة على ما إذا كانت في المصالحة مصلحة للمسلمين بدليل آية أخرى وهي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}[محمد: ٣٥](محمد: الآية ٣٥) ، وبدليل الآية الموجبة للقتال والألزم التناقص لما أن موجب الأمر بالقتال مخالف الأمر بالمصالحة، فلا بد من التوفيق بينهما، وهو بما ذكرنا بدليل موادعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل مكة على ما ذكر في الكتاب. وقال في " الكشاف ": إن الأمر موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله من حرب أو سلم وليس بحتم أن يقاتلوا أبداً أو يحاربوا إلى الهدنة أبداً.
م:(ووادع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين)