ومن قال لآخر: يا زاني، فقال: لا بل أنت فإنهما يحدان؛ لأن معناه لا بل أنت زان، إذ هي كلمة عطف يستدرك بها الغلط، فيصير الخبر المذكور في الأول مذكورا في الثاني. ومن قال لامرأته: يا زانية فقالت: لا بل أنت، حدت المرأة ولا لعان لأنهما قاذفان، وقذفه يوجب اللعان وقذفها الحد، وفي البداية بالحد إبطال اللعان؛ لأن المحدود في القذف ليس بأهل له، ولا إبطال في عكسه أصلا
ــ
[البناية]
[مواضع يحد فيها القاذف والمقذوف]
م:(ومن قال لآخر: يا زاني فقال لا بل أنت) ش: أي بل أنت زاني م: (فإنهما يحدان) ش: يعني كلاهما يحدان م: (لأن معناه بل أنت زان إذ هي) ش: أي إذ هما كلمة بل م: (كلمة عطف يستدرك بها الغلط) ش: يعني بل من الحروف العاطفة موضوعة للإضراب عن الأول، والإتيان للثاني م:(فيصير الخبر المذكور في الأول) ش: وهو قوله يا زاني م: (مذكورا في الثاني) ش: أي في قوله بل أنت كما إذا قلت: جاءني زيد بل عمرو، معناه بل جاءني عمرو، فكذا هذا فيكون كل واحد منهما قاذفا، فيجب عليه الحد.
وقال الأترازي: في قوله فيصير الخبر المذكور في الأول فيه نظر؛ لأن المذكور فيه في مقام النداء لا يسمى خبرا.
ولو قال فيصير المذكور في الأول خبرا فيه كان أولى. وأجيب عنه: بأن المراد بالخبر الجزاء وحينئذ يستقيم الكلام؛ لأن أخبر خبرا خص، فيجوز أن يتعار الأعم.
فإن قيل: التصريح بالزنا شرط في إيجاب الحد ولم يوجد من الثاني، فكيف يجب عليه الحد.
قلت: أجيب بمنع نفي وجود الصريح إذ يفهم الزنا في أول ما قال، بل أنت في جواب قوله يا زان؛ لأن الجواب يتضمن إعادة ما في السؤال فيصير مثل التصريح، سواء كان قيل إذا كان كل واحد منهما قاذفا لصاحبه، فينبغي أن يكون قصاصا، فلا يجب الحد.
أجيب: بأن القذف فيه حق الله، وهو الأغلب في الفصاحة يلزم إسقاط حق الله تعالى، فلا يجوز ذلك، ولهذا لم يجز عفو المقذوف.
م:(ومن قال لامرأته: يا زانية، فقالت: لا بل أنت حدت المرأة، ولا لعان؛ لأنهما قاذفان، وقذفه يوجب اللعان، وقذفها الحد) ش: أي يوجب الحد.
م:(وفي البداية بالحد) ش: أي يحد المرأة م: (إبطال اللعان) ش: لأن اللعان شهادة وقد بطلت شهادة المرأة بحدها، وهو معنى قوله م:(لأن المحدود في القذف ليس بأهل له) ش: أي اللعان.
م:(ولا إبطال في عكسه أصلا) ش: يعني إذا قذف اللعان لا يبطل حد القذف عن المرأة م: