ومن شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا، وذلك أول ما عرض له استأنف؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة» .
ــ
[البناية]
التقدير.
[[حكم الشك في عدد ركعات الصلاة]]
م:(ومن شك في صلاته) ش: الشك في اللغة خلاف اليقين، وقد شككت في كذا ربت م:(فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا) ش: ذكره بالفاء تنبيها على معنى الشك بأنه عبارة عن تساوي الطرفين فإن عدم دراية صلاته بثلاث ركعات مثل عدم درايته بأربع ركعات فالطرفان متساويان وإلا فالتركيب كان يقتضي بواو الحال والهمزة فيه للتسوية لأنها خرجت عن الاستفهام الحقيقي، فعند ذلك ترد لمعان كثيرة منها التسوية وانتصاب ثلاثا بقوله صلى م:(وذلك) ش: أي الشك م: (أول ما عرض له) ش: اختلفوا في معناه، وقال صاحب " الأجناس " معناه أول ما سها في عمره، وقال شمس الأئمة السرخسي: معناه أن السهو ليس بعادة له لا أنه لم يشتبه في عمره، قال الفقيه: أول ما سها في هذه الصلاة، وقيل: أول السهو وقع له ولم يكن سها في صلاته قط من حين بلغ.
م:(استأنف) ش: أي استقبل الصلاة، وهذه الجملة وقعت جوابا م: (لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة» ش: هذا بهذا اللفظ غريب ولم يبين أحد من الشراح حال هذا الحديث، فهذا عجيب منهم، وأعجب من ذلك ما قاله الأترازي ولنا ما روى خواهر زاده وغيره في " المبسوط " عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال «إذا شك أحدكم» .. إلخ، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " من حديث ابن سيرين عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه قال: أما أنا فإذا لم أدر كم صليت فإني أعيد، وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر في الذي لا يدري ثلاثا صلى أو أربعا قال: يعيد حتى يحفظ، وعن جرير عن منصور قال: سألت ابن جبير عن الشك في الصلاة، فقال: أما أنا فإذا كنت في المكتوبة فإني أعيد، وعن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: يعيد. وكان شريح يقول يعيد، وعن ليث وعن طاوس قال: إذا صليت فلم تدر كم صليت فأعدها مرة، فإن التبست عليك مرة أخرى فلا تعدها، وقال عطاء: يعيد مرة، وروي ذلك عنه عن مالك وعبد الملك.
ومذهب الشافعي أنه يبني على الأقل وبه قال مالك في الأحوال كلها وبه قال أحمد في المنفرد، وعن أحمد في الإمام روايتان أحدهما أنه يبني على الأقل، والثانية أنه يبني على غالب الظن ويسجد للسهو، واحتج الشافعي بما رواه أبو سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال:«إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليلق الشك وليبن على اليقين» ، رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وابن ماجه أمر بالبناء على اليقين ولم يفصل، ونحن نقول: إن إلقاء الشك كما يكون بالبناء على الأقل يكون بالاستئناف بل الاستئناف أولى، لأنه أبعد من الشك، لكونه خروجا عن العهدة بيقين، والعجب أن أكثر الشراح يحتجون للشافعي بحديث أبي سعيد