وإن قتل فيها بغير سلاح كالحجر الكبير، والخشبة الكبيرة، أو بحدقة القصار، أو بخنق، أو بغريق، أو إلقاء من جبل، يغسل عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لأنه شبه العمد، وبالحجر الصغير والخشبة الصغيرة، يغسل اتفاقا؛ لوجوب الدية، أو مات بوكزة، أو لكزة، أو وجد مقتولا في محلة، ولم يعرف قاتله، أو افترسه سبع، أو تردى من جبل، أو سقط عليه حائط، وكذا المبطون، والمطعون، والغريق، والحريق، وصاحب ذات الجنب، وصاحب الهدم، والمرأة تموت بجمع الذين عدهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الشهداء فهم شهداء في الآخرة، وأحكام الآخرة.
وفي " المحيط ": وإن وجد غريقا، أو حريقا في المعركة، ولا يدري كيف حاله لا يغسل، وإن لم يكن كذلك فهو ميت حتف أنفه فيغسل، كذلك النازل من رأسه. وعند الشافعي لا يغسل من مات في قتال أهل الحرب فهو شهيد سواء كان به أثر أو لا، ومن قتل ظلما في غير قتل الكفار، أو خرج في قتالهم، ومات بعد انفصال القتال، وكان بحيث يقطع ثوبه ففيه قولان: في قول: لم يكن شهيدا، وبه قال مالك وأحمد.
وفي " المغني ": إذا مات في المعترك فإنه لا يغسل رواية واحدة، وهو قول أكثر أهل العلم، ولا يعلم فيه خلافا إلا عن الحسن وابن المسيب، فإنهما قالا: يغسل الشهيد، ولا يعمل به.
[[الشهيد يكفن ويصلى عليه ولا يغسل]]
م:(ولم يجب بقتله دية فيكفن ويصلى عليه ولا يغسل) ش: يعني أن قتله لم يكن موجبا للدية حال المباشرة، واحترز به عن شبه العمد والخطأ صورة الخطأ ما إذا قصد مباحا فأصاب محظورا.
وصورة شبه العمد ما إذا قتله بعصا صغيرة، أو سوط، أو وكزه بيده، أو لكزه برجله فمات، ولو سقط القصاص بعارض الأبوة ووجبت الدية كان شهيدا، والقصاص ليس بعوض عن المحل، بل عقوبة يوجبها الله تعالى جزاء للقتل، ولهذا تجري بين الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والدية عوض مالي.
والصلح على الدية بعد القتل لا يخرجه عن الشهادة، وكذلك قتل الأب ابنه لا يخرجه عن الشهادة، وكذا لو قتلت زوجها ولها منه ولد؛ لأن الواجب الأصلي وجوب القصاص فكيفن ويصلى عليه، ولا يغسل. هذا حكم الشهيد المذكور في الفصول الثلاثة، وفي هذا أيضا ثلاثة أشياء.