فصل في الطلاق قبل الدخول وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا قبل الدخول بها وقعن عليها، لأن الواقع مصدر محذوف لأن معناه طلاقا ثلاثا؛ على ما بيناه، فلم يكن قوله: أنت طالق إيقاعا على حدة فيقعن جملة. فإن فرق الطلاق، وبانت بالأولى ولم تقع الثانية، ولا الثالثة.
ــ
[البناية]
[فصل في الطلاق قبل الدخول][طلق الرجل امرأته ثلاثًا قبل الدخول بها]
م:(فصل في الطلاق قبل الدخول)
ش: أي هذا فصل في الطلاق قبل الدخول على المرأة لما كان وضع النكاح للدخول كان الطلاق قبله من العوارض، والعارض يذكر بعد الأصل وهو الطلاق بعد الدخول.
م:(وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا قبل الدخول بها وقعن عليها) ش: عند عامة العلماء، وهو مذهب عمر وعلي وابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن مسعود وأنس بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وبه قال سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وعكرمة وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي وسعيد بن جبير والحكم وابن أبي ليلى والأوزاعي وسفيان الثوري. وقال ابن المنذر: وبه أقول ذكر أبو بكر بن أبي شيبة أنه قول عائشة وأم سلمة وخالد بن محمد ومكحول وحميد بن عبد الرحمن، وكان طاوس وابن الشعثاء وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثًا فهي واحدة. وفي " مصنف " ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد وطاوس وعطاء أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها فهي واحدة، وفي " المبسوط " وهو قول الحسن البصري، م:(لأن الواقع مصدر محذوف) ش: وهو الطلاق الذي قام صفة، وهو الثلاث مقامه م:(لأن معناه طلاقًا ثلاثًا؛ على ما بيناه) ش: إشارة إلى ما ذكره في الفصل المتقدم على فصل تشبيه الطلاق بقوله: ولهما أن الوصف متى قرن بالعدد كان الوقوع بذكر العدد إلى آخره م: (فلم يكن قوله: أنت طالق إيقاعًا على حدة فيقعن جملة) ش: يعني إذا كان الواقع مصدرًا محذوفًا لم يكن قوله أنت طالق إيقاعًا على حدة، وإلا زاد عدد الطلاق وهو غير مشروع، فيقعن جملة، وصار الكلام واحدًا ولا يفصل بعضها عن بعض، فإن إيقاع الطلاق لا يتأتى بلفظ أو جزء منه، بخلاف قوله: أنت طلاق وطالق وطالق، حيث انفصلت الثانية والثالثة لأنها كلمات متفرقة، فوقعت الأولى.
م:(فإن فرق الطلاق) ش: بأن يقول أنت طالق طالق طالق على ما يجيء الآن م: (بانت بالأولى) ش: أي باللفظ الأول، وهو قوله: أنت طالق، وتبين لا إلى عدة، لأنها غير مدخولة م:(ولم تقع الثانية ولا الثالثة) ش: لأنه لا يبقى لوقوعها محل، فيلغو كلاهما. وحكي عن الشافعي القديم أنها تطلق ثلاثًا ثلاثًا. وقال ابن أبي هريرة من أصحابه: هذا قول آخر، وبه قال ابن أبي ليلى والأوزاعي والليث بن سعد وربيعة ومالك. وقال أحمد: لو ذكر بالواو تطلق ثلاثًا، وبغير الواو لا تطلق لمذهب العلماء، وهذا بخلاف ما إذا قال لها: أنت طالق طالق وطالق إن دخلت الدار، حيث يقع الثلاث جملة إذا وجد الدخول لوجود المعين في الآخر.