وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يبطل العقدان؛ لأنه جعل نصف البضع صداقا، والنصف
ــ
[البناية]
المتعة.
[[تعريف وحكم نكاح الشغار]]
م:(وإذا زوج الرجل بنته على أن يزوجه المزوج بنته، أو أخته؛ ليكون أحد العقدين عوضاً عن الآخر فالعقدان جائزان، ولكل واحدة منهما مهر مثلها) ش: هذا النكاح يسمى نكاح الشغار من الشغور، وهو الرفع والإخلاء، يقال: شغر البلد إذا خلا عن الناس، والبلد شاغرة إذا لم تمنع من غارة أحد، وسمي هذا النكاح بذلك لخلوه عن المهر، وهو من أنكحة الجاهلية.
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا شغار في الإسلام» وقيل: هو من الرفع، يقال: شغر الكلب إذا رفع رجليه ليبول، وفيه قولان، قيل: سمي به؛ لأنهما رفعا المهر من العقد، وقيل: معناه لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك لأهل الجاهلية، ذكره الغرابي في " الوسيط والبسيط "، وقيل: الشغار البعد، فكأنه بعد عن الحق في نفي المهر، وأشغر في الفلاة أبعد فيها.
فإن قلت: قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا شغار في الإسلام» حديث صحيح أخرجه الجماعة من حديث ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وأخرجه الترمذي أيضاً من حديث عمران بن حصين، وأخرجه مسلم من حديث جابر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ولفظه:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الشغار» .
قلت: النهي الوارد فيه إنما كان من أجل خلائه عن تسمية المهر، وتركه بالكلية عادة الجاهلية لا لعين النكاح، فأشبه البيع وقت النداء والنكاح لا يبطله خلوه من تسمية المهر كالمفوضة، ولا فساد تسميته كالصداق المجهول، وملك الغير والآبق ولا تسمية بما ليس بمال كالميتة والدم، ولا بتسمية ما ليس بمتقوم كالخمر والخنزير، وقد نص إمام الحرمين على أن خلوه لا يبطله ولا يشترط آخر في النكاح؛ لأنه شرط فاسد والنكاح لا يبطله الشروط الفاسدة. قوله: في الكتاب عوضاً عن الآخر قيد به؛ لأنه لو لم يقل على أن يكون بضع كل واحدة صداقاً للآخر يجوز النكاح ولا يكون شغاراً بإجماع الأئمة الأربعة. وأما إذا قال: زوجتك بنتي، على أن تزوجني ابنتك، على أن يكون نكاح كل واحدة منهما صداقاً للأخرى، فإنه ينعقد النكاح عندنا، ولكل واحدة منهما مهر المثل، وكذا إذا قال في الأختين أو الابنتين.