قال: وإذا غربت الشمس أفاض الإمام، والناس معه على هينتهم حتى يأتوا المزدلفة لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفع بعد غروب الشمس
ــ
[البناية]
وقال القدوري في " شرحه " فإن حلق الحاج قبل أن يرمي جمرة العقبة قطع التلبية لأنه تحلل من الإحرام، والتلبية لا تثبت بعد التحلل، قال: فإن زالت الشمس قبل أن يرمي أو يذبح أو يحلق قطع التلبية في قول أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - رواه هشام. وروى محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه قال: يلبي ما لم يحلق، أو تزول الشمس من يوم النحر، وروى ابن سماعة عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن من لم يرم قطع التلبية إذا غربت الشمس يوم النحر.
أما إذا ذبح قبل أن يرمي فقد ذكر الكرخي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن هشاما روى عن أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - أنه يقطع التلبية لأنه تحلل بالذبح، وروى ابن سماعة عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لا يقطعها ما لم يرم أو يحلق، وقال الحسن عن أبي حنيفة ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يقطع التلبية لأنه تحلل بالذبح إنما يقطع التلبية بالذبح، القارن والمتمتع، وأما إذا ضحى المفرد لم يقطعها، لأن تحلله لم يقف على ذبحه.
[[الإفاضة من عرفات بعد غروب الشمس]]
م:(قال: وإذا غربت الشمس) ش: أي يوم عرفة م: (أفاض الإمام) ش: أي رجع، وإنما قال أفاض اتباعاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ}[البقرة: ١٩٨] [البقرة: الآية ١٩٨) م: (والناس معه على هينتهم) ش: أي غير مسرعين، بل على السكينة والوقار، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس البر في إيجاف الخيل ولا في إيضاع الإبل، فعليكم بالسكينة والوقار» . الإيجاف بالجيم نوع من سير الخيل والإيضاع انشراح الخيل في السير، وفي " المبسوط " زعم بعض الناس أن الإيضاع سنة، وإنا نقول به، وتأويل ما روي أن راحلته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانت في ذلك الموضع فنخسها فانبعثت كعادة الدواب لا أنه قصد الإيضاع.
م:(حتى يأتوا المزدلفة؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفع بعد غروب الشمس) ش: هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: «وقف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعرفة، فقال:" هذه عرفة وعرفة كلها موقف "، ثم أفاض حين غربت الشمس» .. الحديث.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، «وفي حديث جابر الطويل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، إلى أن قال ودفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد سبق القصواء» .. الحديث.
وفي حديث أسامة رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل «كنت ردف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما وقعت الشمس دفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .