للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها؛ لأن الأبنية لا تبقى دائمة. ولما أقرهم الإمام فقد عهد إليهم الإعادة، إلا أنهم لا يمكنون من نقلها، لأنه إحداث في الحقيقة، والصومعة للتخلي فيها بمنزلة البيعة،

ــ

[البناية]

وواسط، فلا يجوز فيها إحداث بيعة، ولا كنيسة ولا مجتمع لصلواتهم ولا صومعة، بإجماع أهل العلم، ولا يملكون فيه شرب الخمر واتخاذ الخنزير وضرب الناقوس.

وثانيها: ما فتحه المسلمون عنوة، فلا يجوز إحداث شيء فيها بالإجماع، وما كان فيها شيء من ذلك هدمه، فقال مالك والشافعي في قول، وأحمد في رواية: يجب هدمه، وعندنا يأمرهم الإمام أن يجعلوا كنائسهم مساكن ويمنع من صلاتهم فيها، ولكن لا تهدم.

هذا إذا صالحهم بعد الفتح أن يجعلهم ذمة، وبه قال الشافعي في قول وأحمد في رواية؛ لأن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فتحوا كثيراً من البلاد عنوة ولم يهدموا كنائسهم. وكتب عمر بن عبد العزيز - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى عماله: لا تهدموا بيعة ولا كنيسة، وقال: ما فتح صلحاً فإن صالحهم على أن الأرض وكذا الخراج لنا فجاز إحداثهم، وإن صالحهم على أن الدار لنا ويؤدون الجزية، فالحكم بالكنائس على ما وقع عليه الصلح على شرط تمكين الإحداث لأئمتهم، والأولى أن يصالحهم على شرط ما وقع صلح عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من عدم إحداث البيعة والكنيسة، ويمنعون من ضرب الناقوس وشرب الخمر واتخاذ جزية الخنزير.

ولو وقع الصلح مطلقاً لا يجوز الإحداث ولا يتعرض للقديمة، ويمنعون من ضرب الناقوس وشرب الخمر واتخاذ الخنزير بالإجماع. وفي المحيط: لو ضربوا الناقوس في جوف كنائسهم لا يمنعون.

[[إحداث البيع والكنائس في أرض العرب]]

م: (وإن انهدمت البيع والكنائس القديمة أعادوها) ش: المراد من القديمة ما كانت قبل فتح الإمام بلدهم ومصالحتهم على إقرارهم على بلدهم وأراضيهم، ولا يشترط أن يكون في زمن الصحابة والتابعين لا محالة م: (لأن الأبنية لا تبقى دائمة، ولما أقرهم الإمام فقد عهد إليهم الإعادة، إلا أنهم لا يمكنون من نقلها، لأنه) ش: أي لأن النقل م: (إحداث في الحقيقة) ش: وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " نوادر هشام ": إن انهدمت كنيسة من كنائسهم أو بيعة أو بيت نار، فلهم أن يبنها كما كانت.

وليس لهم أن يحولوها من موضع إلى آخر في المصر. فقوله: أن يبنوه كما كانت، يريد به قد مر بناء الأول، أما الزيادة على البناء الأول فممنوع، لأنه إحداث بيعة في المصر.

م: (والصومعة) ش: قال الجوهري: فوعلة، يعني وزنها يدل على أن الواو فيه زائدة، وهو بيت يبنى بأساس طويل ليعبد فيها بالانقطاع عن الناس، وهو معنى قوله م: (للتخلي فيها بمنزلة البيعة) ش: إنما قال: بمنزلة البيعة، يعني لا يجوز إحداثها مثلما لا يجوز إحداث البيعة. م:

<<  <  ج: ص:  >  >>