فينزل منزلتها في حق ارتفاض الظهر احتياطا، بخلاف ما بعد الفراغ منها لأنه ليس بسعي إليها.
ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر،
ــ
[البناية]
الصلوات، فإنه يصح أداؤها في كل مكان، فإذا صار من خصائص الجمعة شرعا أشبه الاشتغال به الاشتغال بركن منها، والشخص إذا تشاغل بالجمعة بطل الظهر.
فإن قلت: كيف لا يبطل الظهر إذا توضأ يريد الجمعة والطهارة من فروضها.
قلت: سلمنا أنها من فروضها ولكن ليست من الفروض المختصة بها، واعترض على أصل أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بمسألة القارن، فإنه إذا وقف بعرفات قبل أن يطوف بعمرته يصير رافضا لها، ولو سعى إلى عرفات لا يصير به رافضا للعمرة. وأجيب بأن في العمرة روايتان ذكرهما أبو بكر الرازي: أحدهما: رافضا لعمرته بمجرد التوجه كما في السعي إلى الجمعة فلا يرد الاعتراض، والأخرى: أنه لا يكون رافضا لعمرته حتى يقف بها وهي الرواية المشهورة، ووجه الفرق أن الأمر وارد برفض الظهر بخلاف رفض العمرة، فإنه حرام، فلم تجز إقامة التوجه مقام الوقوف.
فإن قلت: الظهر قوي؛ لأنه حسن لمعنى في نفسه، والسعي ضعيف؛ لأنه بمعنى في غيره، فلا ينقض الضعيف القوي.
قلت: لما قام السعي مقام الجمعة اعتبر فيه صفة الجمعة لا صفة نفسه، كالتراب لما قام مقام الماء اعتبر فيه صفة الماء لا صفة نفسه، فلما قام مقام القوي صار هو قويا في نفسه.
فإن قلت: السعي الموصل إلى الجمعة مأمور به، والسعي الذي لا يدرك به الجمعة غير موصل فيجب أن لا تبطل به الظهر. قلت: الحكم به دائر بين الإمكان لكون الإمام في الجمعة، والإدراك ممكن في الجمعة بإنذار أهل إياه بالإدراك.
م:(فينزل منزلتها) ش: أي فإذا كان الأمر كذلك فنزل السعي منزلة الجمعة. م:(في حق ارتفاض الظهر احتياطا) ش: أي لأجل الاحتياط، إذ الأقوى يحتاط في إثباته، ما لا يحتاط في إثبات الأضعف. م:(بخلاف ما بعد الفراغ منها) ش: هذا جواب عن قياسهما، أي بخلاف إدراكه بعد فراغ الإمام من الجمعة. م:(لأنه ليس بسعي إليها) ش: أي إلى الجمعة فلا يبطل الظهر، وما قيل أن السعي المذكور في النص نفس الشيء لا المشي بصفة العدو والإسراع لا يخلو عن نظر، وهو موضع التأمل. وفي " العتبية ": سرعة المشي والعدو غير واجب عندنا وعامة الفقهاء، واختلف في استحبابه، والأصح أن يمشي على السكينة والوقار.
[[صلاة المعذورين الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر]]
م:(ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة في المصر) ش: وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يكره لهم ذلك، بل هو أفضل كما في سائر الأيام، ولكنهم يخفونها حتى إن من رآهم لا يظنهم راغبين عن الإمام. وفي " الحلية " قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: المستحب لأصحاب