وإن قال: إن لبست ثوبا، أو أكلت طعاما، أو شربت شرابا لم يدين في القضاء خاصة، لأنه نكرة في محل الشرط فتعم فعملت نية التخصيص فيه إلا أنه خلاف الظاهر
ــ
[البناية]
فإن قيل: المقتضى أمر شرعي واقتضاء الأكمل إلى الطعام ليس كذلك، لأنه يعرفه من له تعرف بالشرع.
قلت: يجوز أن يكون المصنف اختار ما اختاره بعض المحققين من أن التقضي هو الذي لا يدل عليه اللفظ، ولا يكون سقوطا به، لكن يكون من ضرورة اللفظ أعم من أن يكون شرعيا أو عقليا.
فإن قيل: سلمنا ذلك، لكن ما الفرق بين هذا وبينهما إذا قال: إن خرجت فعبدي حر، ونوى السفر، فإنه يصدق ديانة، مع أن السفر أو الخروج غير مذكور لفظا، وبينه وبينهما إذا حلف لا يساكن فلانا ونوى أن لا يساكنه في واحد، فإن النية صحيحة مع أن المسكن غير مذكور لفظا، حتى لو ساكن معه في الدار لا يحنث.
أجيب: بأن الأول ممنوعة منعها القضاة الأربعة أبو هيثم وأبو حازم وأبو طاهر الدباس والقاضي القمر - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وليس يعلم من قوله: إن خرجت [.....] لغة، وقد وقع الثاني في صريح النفي، والأول في معناه فيتناولان بعمومها عنده من الخروج والسفر، فجاز تخصيصهما إلا أنه خلاف الظاهر، فلا يريد في القضاء، كذا لخصه الأكمل، وبيانه كما ينبغي هذا وإن سلمنا فالفرق أن الخروج إلى مديد وقصير، وهما مختلفان اسما وحكما، فإن المؤيد يسمى سفرا، وأحكامه خلاف أحكام الخروج. فإذا نوى أحد النوعين صحت نيته، كما لو حلف لا يتزوج ونوى حبشية أو رومية يصدق، ولو نوى امرأة بعينها لا يصدق، لأن الأول نوع.
والثاني في مسألتنا: حتى لو نوى الخروج إلى مكان بعينه كبغداد لا يصدق، وكذا في المسألة الثانية نوى نوعان من المساكنة، لأن المساكنة أنواع ما يكون في بلد واحد، وما يكون في دار واحدة وهو العرف، وما يكون في بيت واحد وهو أتم ما يكون من المساكنة، كذا ذكره السرخسي وغيره.
[[قال إن لبست ثوبا أو أكلت طعاما أو شربت شرابا]]
م:(وإن قال: إن لبست ثوبا، أو أكلت طعاما، أو شربت شرابا لم يدين في القضاء خاصة) ش: يعني لم يصدق في القضاء خاصة، ويصدق ديانة م:(لأنه نكرة) ش: أي لأن ثوبا من إن لبست وطعاما من إن أكلت وشرابا من إن شربت نكرة وقعت م: (في محل الشرط) ش: وهو قوله: إن فعلت كذا م: (فتعم) ش: لأن الشرط في معنى النفي، والنكرة في موضع النفي تعم، والعموم يحتمل الخصوص م:(فعلمت نية التخصيص فيه، إلا أنه خلاف الظاهر) ش: إذ الظاهر العموم.