للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن حرم على نفسه شيئا مما يملكه لم يصر محرما، وعليه إن استباحه كفارة يمين، وقال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا كفارة عليه لأن تحريم الحلال قلب المشروع، فلا ينعقد به تصرف مشروع وهو اليمين. ولنا أن اللفظ ينبئ عن إثبات الحرمة، وقد أمكن إعماله بثبوت الحرمة لغيره بإثبات موجب اليمين، فيصار إليه، ثم إذا فعل مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث ووجبت الكفارة، وهو المعني من الاستباحة المذكورة، لأن التحريم إذا ثبت تناول كل جزء منه.

ــ

[البناية]

[تحريم بعض ما يملك]

م: (ومن حرم على نفسه شيئًا مما يملكه) ش: سواء كان ثوبًا أو طعامًا أو أمة أو غيرها، بأن قال حرام علي ثوبي هذا أو طعامي هذا أو أمتي هذه ونحو ذلك م: (لم يصر محرمًا) ش: أي بعينه، بل صار محرمًا بالنص.

فلهذا قال عقبه م: (وعليه إن استباحه) ش: أي يعامل به معاملة المباح، فإن أكل الطعام أو لبس الثوب أو وطئ الأمة فعليه م: (كفارة يمين وقال الشافعي لا كفارة عليه لأنه ليس يمين إلا في النساء والجواري وبه قال أحمد، وقال مالك من حرم على نفسه شيئًا غير امرأته لا يلزمه شيء وليس يمين م: (لأن تحريم الحلال قلب المشروع فلا ينعقد به، تصرف مشروع وهو اليمين) ش: كعكسه، وهو تحليل الحرام.

م: (ولنا أن اللفظ ينبئ عن إثبات الحرمة، وقد أمكن إعماله) ش: أي إعمال اللفظ م: (بثبوت الحرمة لغيره) ش: أي بغير اللفظ م: (بإثبات موجب اليمين) ش: وهو الكفارة، وأصله ليس في وسعه إثبات الحرمة لذاته وعينه قلبت الحرمة لغيره، وهو جناية حرمة اليمين، وهو الكفارة على تقديم الحنث م: (فيصار إليه) ش: أي إلى ثبوت الحرمة لغيره.

م: (ثم إذا فعل مما حرمه قليلًا كان أو كثيرًا) ش: انتصاب قليلا على أنه مفعول لقوله فعل م: (حنث، ووجبت الكفارة) ش: لأن التحريم ثبت بتناول كل جزء م: (وهو المعني) ش: بكسر النون وتشديد الياء، أي المعصوم م: (من الاستباحة المذكورة) ش: أي فعل ما حرمته هو المراد من الاستباحة التي ذكرها م: (لأن التحريم إذا ثبت) ش: يعني تحريم العين، وهو دليل قوله إذا فعل مما حرمه قليلا أو كثيرا حنث، وذلك لأن تحريم المعني إذا ثبت تبين م: (تناول كل جزء منه) ش: أي مما حرمه فيحنث بالقليل والكثير.

وقال الأكمل: وعورض بأن اليمين إما أن يذكر مقسم به، وهو عند ذكر اسم من أسمائه أو صفة من صفاته كما تقدم أو بأن يذكر شرطه وجزاءه، وليس شيء منهما بموجود فكيف صار يمينًا واجب بسقوطهما بقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] (التحريم الآية ٢) ، بعد قوله: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] في تحريم العدل أو تحريم ما به أطلق الأيمان على تحريم إطلاق، وفرض تحلة الأيمان والرأي لا يعارض النصوص السمعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>