للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن فيما قلناه تقوية البر إلى جابر، وهو الكفارة ولا جابر للمعصية في ضده وإذا حلف الكافر ثم حنث في حال كفره أو بعد إسلامه فلا حنث عليه، لأنه ليس بأهل لليمين، لأنها تنعقد لتعظيم الله تعالى، ومع الكفر لا يكون معظما. ولا هو أهل للكفارة لأنها عبادة.

ــ

[البناية]

اليمين مركبة من مقسم به، وهو بالله ومقسم عليه، وهو قوله لأفعلن أو لأفعل فكان من باب ذكر الكل وإرادة البعض. وقال الأكمل: في وجه الاستدلال به نظر، لأنه قال ورأى غيرها خيرًا منها فالمدعي مطلق والدليل مشروط برؤية خير، والجواب أن حال المسلم يقتضي أن يرى ترك المعصية خيرًا منها فيجعل الشرط موجودًا نظرًا إلى حاله.

م: (ولأن فيما قلناه) ش: يعني إذ الكفارة بعد الحنث م: (تقوية البر إلى جابر، وهو الكفارة ولا جابر) ش: وهو الكفارة لما أن الجابر يقتضي سبق ذلك المحمود وهو حل اليمين بالحنث فيما قلنا، فتصبح الكفارة جائزة ولا جائزة م: (للمعصية في ضده) ش: أي في ضد ما قلناه وأراد بالضد التي في اليمين، أي لا جائزة لمعصية الحنث، فيما قال الشافعي، لأن الحنث لما يتأخر عن الكفارة لم تصبح الكفارة السابقة جائزة لذلك الحنث، لأن الجائز لا يتقدم، كذا في " النهاية ".

وقال الأكمل: وقال في بعض الشروح، ولأن فيما قلنا أي في الحنث النفس والتكفير بعد ذلك لتفويت البر إلى جابر، والجابر هو الكفارة والفوات إلى جابر كلا فوات، فتكون المعصية الحصالة بتفويت البر كلا معصية لوجود الجابر.

أما إذا أتى بالبر وهو ترك الصلاة وقطع الكلام عن الأب، وقتل فلان بغير حق تحصيل المعصية بلا جابر لها فتكون المعصية قائمة لا محالة، فلهذا قلنا يحنث نفسه ويكفر عن يمينه، وكلا الوجهين صحيح، والثاني أيسر. قلت: أراد بالقائل بقوله وقال في بعض شروح الأترازي لأنه قال في شرحه هكذا ويرده الأكمل برمته.

م: (وإذا حلف الكافر ثم حنث في حال الكفر أو بعد الإسلام، فلا حنث عليه) ش: أي فلا كفارة عليه، وبه قال مالك، وقال الشافعي وأحمد تلزم الكفارة بالمال، دون الصوم م: (لأنه) ش: أي لأن الكافر م: (ليس بأهل لليمين، لأنها تنعقد لتعظيم الله تعالى، ومع الكفر لا يكون معظمًا) ش: لأنه هاتك حرمة الله تعالى، بإصراره على الكفر.

والتعظيم مع الهتك لا يجتمعان، والبر لا يتحقق إلا من معظم، ولا يلزم استخلافه في المظالم أو المنصوبات أو هو مشروع في حقه، لأنه من أهل مقصود الاستخلاف وهو النكول والإقرار.

وكذا هو من أهل اليمين بالطلاق والعتاق، لأنه من أهل حكمنا م: (ولا هو أهل للكفارة) ش: أي ولا الكافر أهل للكفارة م: (لأنها عبادة) ش: لكونها ساترة للذنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>