للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الرجعة وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة رجعية أو تطليقتين، فله أن يراجعها في عدتها، رضيت بذلك أو لم ترض، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] (البقرة: الآية ٢٣١) من غير فصل. ولا بد من قيام العدة، لأن الرجعة استدامة الملك ألا ترى أنه سمي إمساكا.

ــ

[البناية]

[باب الرجعة] [مراجعة من طلق امرأته تطليقة رجعية أو تطليقتين]

م: (باب الرجعة) ش: أي هذا باب في بيان حكم الرجعة. ولما كانت الرجعة متأخرة عن الطلاق طبعا أخره وضعا، ليناسب الوضع الطبع من قولهم: رجع يرجع رجعا ورجوعا ورجعته إلى أهله، أي ردته إليهم. ويقال: إلى الله مرجعك ورجوعك ورجعاك، وربما قالوا: رجعناك، وطلق فلان امرأته بملك الرجعة والرجعة قاله ابن دريد.

قلت: يعني بفتح الراء وكسرها، والفتح أفصح، وفي المنافع: رجع يستعمل لازما ومتعديا، فالرجوع مصدر اللازم، كالقعود والجلوس والدخول، فمن اللازم قَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ} [المنافقون: ٨] (المنافقون: الآية ٨) ، {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ} [يوسف: ٦٣] (يوسف: الآية ٦٣) ، {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ١٥٦] (البقرة: الآية ١٥٦) ، ومن المتعدي قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: ٨٣] (التوبة: الآية ٨٣) {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ} [الملك: ٤] (الملك: الآية ٤) .

والرجع مصدر المتعدي، وهي في الشريعة استدامة ملك النكاح، ولها شرائط، أحدها: تقديم صريح لفظ الطلاق وبعض ألفاظ الكناية كما تقدم. والثانية: أن لا يكون بمقابلة مال. والثالثة: أن لا يستوفي الثلاثة من الطلاق. والرابعة: أن لا تكون المرأة مدخولا بها. والخامسة: أن تكون العدة قائمة، ولا خلاف لمشروعيتها لأحد لثبوتها بالكتاب والسنة والإجماع.

م: (وإذا طلق الرجل امرأته تطليقة رجعية أو تطليقتين فله أن يراجعها في عدتها، رضيت بذلك أو لم ترض) ش: وهذا بإجماع أهل العلم م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] ش: م: (البقرة: الآية ٢٣١) ش: الإمساك هو الإبقاء، وقَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: ٢] يعني إذا بلغن منتهى عدتهن، فأنتم بالخيار إن شئتم فالرجعة والإمساك من غير ضرار، وإن شئتم فالمفارقة من غير ضرار، وروى أبو داود عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلق حفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ثم راجعها. وفي حديث ابن عمر أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له: "مر ابنك فليراجعها» ... " الحديث متفق عليه م: (من غير فصل) ش: يعني أن إطلاق النص لم يفصل بين رضا المرأة وعدمه، بل أثبت الرجعة مطلقا.

م: (ولا بد من قيام العدة، لأن الرجعة استدامة الملك) ش: ولا ملك بعد انقضاء العدة م: (ألا ترى أنه سمي إمساكا) ش: توضيح لما قبله، بيانه إن شاء الله تعالى سمى الرجعة إمساكا، وذلك بإجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>