قال: وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بغير طلاق، وهذا عند أبي حنيفة، وأبي يوسف - رحمهما الله - وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إن كانت الردة من الزوج فهي فرقة بطلاق هو يعتبره بالإباء، والجامع بينهما ما بيناه. وأبو يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - مر على ما أصلنا له في الإباء. وأبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فرق بينهما. ووجهه أن الردة منافية للنكاح؛ لكونها منافية للعصمة، والطلاق رافع، فتعذر أن تجعل طلاقا، بخلاف الإباء، لأنه يفوت الإمساك بالمعروف، فيجب التسريح بالإحسان على ما مر.
ــ
[البناية]
[ارتد أحد الزوجين عن الإسلام]
م:(قال: وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام) ش: - والعياذ بالله تعالى - م:(وقعت الفرقة بينهما بغير طلاق) ش: سواء دخل بها، أو لم يدخل، وهذا عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، وقال محمد: إن كانت الردة من الزوج فهي فرقة بطلاق وإن كانت منها فهو كما قالا.
وفي " مغني" الحنابلة " إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح في قول عامة أهل العلم، وحكي عن داود الأصفهاني: أنه لا ينفسخ بالردة، وإن كانت الردة بعد الدخول فكذلك في أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل، وهو قول الحسن، وعمر بن عبد العزيز، وأبي حنيفة، ومالك، والثوري، وزفر، وأبي ثور، وابن المنذر.
وفي الرواية الثانية: يقف على انقضاء العدة، وهو قول الشافعي، وإسحاق، ثم من المالكية من جعل الردة فسخاً، ومنهم من جعلها طلقة بائنة. ومنهم من جعلها طلقة رجعية. ومنهم من قال: لو أسلم يعود إلى زوجته كانت بغير طلاق ولا بفسخ، كما يعود المرتد إلى ماله، على المعروف من كل مذهب، وعند ابن أبي ليلى لا تقع الفرقة بالردة قبل الدخول وبعده، لكن يستتاب المرتد، فإن تاب فهي امرأته، وإن مات على الردة، أو قتل ورثته امرأته.
م:(هو) ش: أي محمد م: (يعتبره بالإباء) ش: أي يعتبر الردة بالإباء م: (والجامع بينهما ما بيناه) ش: وما ذكره قبل هذا قريباً من الورقة بقوله لها، أي بالإباء امتنع عن الإمساك بالمعروف مع قدرته عليه، فينوب القاضي منابه في التسريح، فكذلك بالردة امتنع عن الإمساك، فناب القاضي منابه م:(وأبو يوسف مر على ما أصلنا له في الإباء) ش: وهو أن الفرقة سبب يشترك فيه الزوجان، فلا يكون طلاقاً كالفرقة بسبب الملك، وهذا ينتقض بالخلع.
م:(وأبو حنيفة فرق) ش: أي بين الإباء والردة م: (ووجهه) ش: أي وجه الفرق م: (أن الردة منافية للنكاح لكونها) ش: أي لكون الردة م: (منافية للعصمة) ش: لبطلان العصمة عن نفسه، وإملاكه بها فيترك ملك النكاح بها، ولأنها موت حكماً م:(والطلاق رافع) ش: للنكاح، وليس بمناف له م:(فتعذر أن تجعل طلاقاً بخلاف الإباء، لأنه يفوت به الإمساك بالمعروف فيجب التسريح بالإحسان على ما مر) ش: لأن الإباء امتناع عن الإمساك بالمعروف مع قدرته على الإسلام، فينوب القاضي منابه في التسريح.