والبيع بالخمر والخنزير فاسد لوجود حقيقة البيع، وهو مبادلة المال بالمال فإنه مال عند البعض، والباطل لا يفيد ملك التصرف، ولو هلك المبيع في يد المشتري فيه يكون أمانة، عند بعض المشايخ لأن العقد غير معتبر فبقي القبض بإذن المالك، وعند البعض يكون مضمونا لأنه لا يكون أدنى حالا من المقبوض على سوم الشراء،
ــ
[البناية]
[[البيع بالخمر والخنزير]]
م:(والبيع بالخمر والخنزير فاسد لوجود حقيقة البيع، وهو مبادلة المال بالمال، فإنه مال عند البعض) ش: وهما من أعز الأموال عند أهل الذمة، وفي " المبسوط ": البيع بالخمر عندنا يوجب الملك بالقبض، فإن محل العقد المالية في البدلين وبتخمير العصير لا تنعدم المالية وإنما ينعدم التقوم شرعا. فإن المالية تكون منتفعا بها وقد أثبت الله تعالى ذلك في الخمر بقوله:{وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}[البقرة: ٢١٩](البقرة: الآية ٢١٩) ، ويفيد الملك البيع بها إذا اتصل القبض بإذن البائع صريحا أو دلالة بأن يقبضه المشتري عقيب البيع، ولأنها البائع والفرق بين الفصلين، أعني كون البيع بالدم والميتة باطلا وبالخمر والخنزير فاسدا إن الباطل لا يفيد الملك وإن اتصل به القبض والفاسد يفيد كما ذكرنا الآن.
وفائدة هذا أنه لو كان المشتري عبدا فأعتقه المشتري بعد القبض لا ينفذ في الأول وينفذ في الثاني، ولو جاء مستحق فاستحق على المشتري لا خصومة بين المستحق وبين المشتري في الأول، وفي الثاني يكون المشتري خصما حتى يستمع البينة عليه، لأنه ملكه. ثم إذا لم يعد الملك في الوجه الأول هل يصير المقبوض مضمونا عليه بالقبض أم لا؟ اختلف المشايخ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فيه، أشار إلى بيانه المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - بقوله م:(والباطل لا يفيد ملك التصرف، ولو هلك المبيع في يد المشتري فيه) ش: أي في البيع الباطل م: (يكون أمانة عند بعض المشايخ) ش: أراد به الشيخ أبا نصر أحمد بن علي الطواديسي وهو أستاذ شيخ الإسلام أبي بكر المعروف بخواهر زاده - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنه قال: هو أمانة وليس بمضمون وهو رواية الحسن - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وإليه ذهب الشيخ أبو الحسن الشرعي م:(لأن العقد غير معتبر) ش: لكونه باطلا م: (فبقي القبض بإذن المالك) ش: فتكون أمانة، وكذا البيع بالبول باطل وكذا بيع المحرم للصيد، لأن صيد البر حرام على المحرم كالميتة، فيكون بيعه باطلا.
م:(وعند البعض) ش: أراد به شمس الأئمة السرخسي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وروى ابن سماعة عن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يكون مضمونا كما قال به البعض: م: (يكون مضمونا لأنه لا يكون أدنى حالا من المقبوض على سوم الشراء) ش: فذاك مضمون فكذا هذا والمضمون بالقيمة أو بالمثل وبه قال الشافعي ومالك وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وصورة المقبوض على سوم الشراء هو أن يسمي الثمن فيقول: اذهب بهذا فإن رضيت اشتريته بعشرة. أما إذا لم يسم الثمن فذهب به فهلك عنده لا يضمن نص عليه الفقيه أبو الليث - رَحِمَهُ اللَّهُ - "في العيون ".