والمراد من الدخول عليه زيارته، وبعد الموت يزار قبره لا هو.
ــ
[البناية]
قلت: أجاب الأكمل: بأن ذلك كان معجزة له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنهم لما قالوا يا رسول الله إنهم لا يسمعون، فقال: إنهم يسمعون كما تسمعون، وإنما أراد بهم - وإنهم يعلمون أن الذي قلت لهم حقًا.
قال الكاكي: فإن قيل: قد روي «أن قتلى بدر لما ألقوا في القليب قام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على رأس القليب، وقال هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا، فقال عمرو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أتكلم الميت يا رسول الله؟! فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ما أنتم بأسمع من هؤلاء» .
قلنا: هو غير ثابت، فإنه لما بلغ هذا الحديث عائشة، قالت: كذبتم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنه تعالى قال: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: ٨٠] (الروم: الآية ٥٢) ، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢] (فاطر: الآية ٢٢) ، على أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كان مخصوصًا به معجزة له.
وقيل: المقصود به وعظ الأحياء لا إفهام الموتى كما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أنه إذا أتى المقابر قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " سلام عليكم ديار قوم مؤمنين أما نساؤكم فقد نكحت، وأما أموالكم فقد قسمت، وأما دوركم فقد سكنت، فهذا خبركم عندنا، فما خبرنا عندكم "، وكان يقول: " سبيل للأرض من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تجبك جوابًا بإجابتك اعتبارًا "، كان ذلك على سبيل الوعظ للأحياء لا للخطاب للموتى.
[[قال لامرأته إن وطئتك أو قبلتك فعبده حر]]
م: (والمراد من الدخول عليه) ش: أي على فلان م: (زيارته، وبعد الموت يزار قبره لا هو) ش: أي لا يزار الميت، لأن المراد من الدخول عليه إكرامه بتعظيمه أو إهانته بتحقيره أو زيارته فلا يتحقق الكل بعد الموت. ولأن الميت كالغائب في حق الأخيار، ومن طاف بباب رجل لا يعد زائرًا له.
ولو دخل عليه وهو نائم لا يعد زائرًا أولى، وقال في " شرح الطحاوي ": الأصل في هذا أن في كل بلد [....
] يقع على الحياة دون الممات كالضرب والجماع والشتم والكسوة والدخول عليه.
وفي " الكافي ": الأصل في هذا أن ما يشارك الميت فيه الحي فاليمين، وقال على الحالين، وأما ما اختص به الحي فيتقيد بالحياة. فلو قال: إن ضربتك أو كسوتك أو كلمتك أو دخلت عليك أو قال لامرأته إن وطئتك أو قبلتك فعبده حر يتقيد بالحياة، حتى لو فعل هذه الأشياء بعد الموت لا يحنث، والغرض في الوطء والتقبيل لا يتحقق بعد الموت.
فإن قيل: «إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل عثمان بن مظعون - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بعد ما أدرج في الكفن» وقبل أبو بكر بين عيني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ما أدرج في الكفن.