للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة؛ لأنه جعل الأجر بعض

ــ

[البناية]

فيكون النص وارد فيه دلالة، فمتى تركنا العمل بدلالة هذا النص في الحائك علمنا في قفيز الطحان كان تخصيصا لدلالة النص لا تركا للنص أصلا، انتهى. فهذا صريح أن دلالة النص تخص، والتخصيص لا يكون إلا في العموم، على أنا نقول إن هذا الحديث الذي يتمسكون تارة بعمومه وتارة بخصوصه غير صحيح.

قال ابن قدامة في " المغنى ": وهذا الحديث لا نعرفه ولا يثبت عندنا صحته. وقال الشيخ شمس الدين ابن القيم: هذا الحديث لا يثبت بوجه، مع أن لفظ الحديث «نهي عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان على ما نبينه عن قريب» .

وقوله: نهي مبنى لما لم يسم فاعله، ولا يلزم أن يكون الناهي هو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأي فرق بين أن يستأجره ليطحن له حنطة بقفيز حنطة أو بقفيز من طحين غيرها، بل هذا فرق صوري لأنا ننزله ولا يتعلق بذلك مفسدة قط لا جهالة ولا ربا ولا عذر ولا منازعة ولا ضرر. وأي غرر أو مفسدة في أن يدفع إليه غزله لينسجه ثوبا بذراع أو زيتونا ليعصرها زيتا بجزء معلوم منه وأمثال ذلك

مما هو مصلحة للمتعاقدين

فقد لا يكون معه أجرة سوى ذلك الغزل أو الحب، ويكون الأجر محتاجا إليه وقد تراضيا بذلك فجوزناه.

وقال القياس: وحاجة الناس وهو قول عطاء والزهري وأيوب ويعلى بن حكيم وقتادة وأحمد وإسحاق. واحتج أحمد بحديث جابر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أعطى خيبر على الشطر» .

ولم يثبت عن الشارع ما يمنع ولا يترتب عليه شيء من الفساد بل هو

مصلحة محضة،

والمصنف أيضا لم يقم دليلا على ما ادعاه من الفساد سوى أن المستأجر عاجز عن تسليم الأجر وهو بعض المنسوخ أو المحمول، وحصول بفعل الأجير فلا بعد هو قادر بفعل غيره، وهذا لا يعول، فإن المزارع يأخذ جزءا من الخارج والمضارب جزءا من الربح. والمعنى المذكور موجود في كل منهما، بل هذا أولى بالجواز من المضاربة والمزارعة، فإن الذي يأخذ منه الجزء هنا محقق الوجود وهناك معدوم على خطر الوجود لم يكن هذا المعنى مانعا من جواز المزارعة والمضاربة، فهنا أحق وأولى أن لا يمنع.

[[استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه]]

م: (وكذا إذا استأجر حمارا يحمل عليه طعاما بقفيز منه فالإجارة فاسدة، لأنه جعل الأجر بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>