كتاب الرجوع عن الشهادة قال: وإذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت؛ لأن الحق إنما يثبت بالقضاء. والقاضي لا يقضي بكلام متناقض، ولا ضمان عليهما؛ لأنهما ما أتلفا شيئا لا على المدعي ولا على المدعى عليه، فإن حكم بشهادتهم ثم رجعوا لم يفسخ الحكم؛ لأن آخر كلامهم يناقض أوله فلا ينقض الحكم بالتناقض، ولأنه في الدلالة على الصدق مثل الأول، وقد ترجح الأول باتصال القضاء به، وعليهم ضمان ما أتلفوه بشهادتهم لإقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان. والتناقض لا يمنع صحة الإقرار،
ــ
[البناية]
[[كتاب الرجوع عن الشهادة]]
[[رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها]]
م:(كتاب الرجوع عن الشهادة)
ش: أي: هذا كتاب في بيان أحكام الرجوع عن الشهادات. وجه المناسبة بين الكتابين من حيث إن الرجوع يقتضي سابقة الشهادة لا محالة. قيل ركنه قول الشاهد شهدت بزور شرطه أن يكون عند القاضي، وحكمه إيجاب التعزير على كل حال، سواء رجع قبل اتصال القضاء بالشهادة أو بعده، والضمان مع التعزير إن رجع بعد القضاء، أو كان المشهود به مالا وقد أزاله بغير عوض، والرجوع عن الشهادة مشروع بالإجماع، وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وإذا رجع الشهود عن شهادتهم قبل الحكم بها سقطت) ش: أي الشهادة ولا خلاف فيه م: (لأن الحق إنما يثبت بالقضاء) ش: أي بالحكم م: (والقاضي لا يقضي بكلام متناقض) ش: لأن الشاهد لما أكذب نفسه بالرجوع تناقض كلامه، والقضاء بالكلام المتناقض لا يجوز م:(ولا ضمان عليهما؛ لأنهما ما أتلفا شيئا لا على المدعي ولا على المدعى عليه، فإن حكم بشهادتهم ثم رجعوا) ش: يعني بعد الحكم م: (لم يفسخ الحكم؛ لأن آخر كلامهم يناقض أوله، فلا ينقض الحكم بالتناقض) ش: لأنه لو اعتبر رجوعه في إبطال القضاء أدى إبطاله إلى ما لا يتناهى؛ لأنه يأتي بعد ذلك فيرجع عن هذا الرجوع، فيجب إعادة الرضاء الأول، كذا في " المبسوط " م: (ولأنه) ش: أي ولأن الكلام الآخر م: (في الدلالة على الصدق مثل الأول) ش: وكلما كان كذلك ساواه واحتيح إلى الترجيح م: (وقد ترجح الأول باتصال القضاء به) ش: فلا ينقضه به.
م:(وعليهم) ش: أي وعلى الشهود م: ضمان ما أتلفوه بشهادتهم لإقرارهم على أنفسهم بسبب الضمان) ش: فقضاه القاضي، وإن كان علة للتلف لكنه كالملجأ من جهتهم فكان السبب منهم تعديا، فيضاف الحكم إليهم كما في حفر البئر على قارعة الطريق م:(والتناقض لا يمنع صحة الإقرار) ش: هذا جواب عما يقال كلامهم متناقض، وذلك ساقط العبرة، فعلى ما الضمان ووعد