للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[البناية]

فإن قلت: لذاته فلا نسلم لأن المصلي إذا قرض موضع النجاسة وصلى بذلك الثوب جاز، فعلم أن استعمال عين الماء ليس بواجب، وإن قلت: لغيره وهو التطهير فنقول نعم، ولكن يحصل الطهارة بغيره كالخل، فإنه إذا استعمل مكررا يحصل التطهير كما يحصل بالماء. وقال تاج الشريعة: فإن قلت: لو كان القلع علة لوجب أن يجوز بشيء نجس. قلت: ولهذا إذا زالت النجاسة الغليظة ببول ما يؤكل لحمه يكون حكم ذلك الشيء بعد الغسل حكم بول ما يؤكل لحمه حتى لا يمنع جواز الصلاة ما لم يبلغ ربع الثوب.

فإن قلت: محمد ومن معه احتجوا بالحديث أيضاً وهما لا يحتجا إلا بالمعقول. قلت: ما اكتفيا بذلك بل احتجا بالحديث أيضاً وهو ما رواه البخاري في "صحيحه " عن مجاهد قال: قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا أصابه شيء من دم الحيض قالت بريقها فقصعته بظفرها. وروى أبو داود عن مجاهد قال: قالت: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد فيه تحيض، فإذا أصابه شيء من دم بلته بريقها ثم قصعته بظفرها، ولو كان الدم بالدلك بريقها لا يطهر لكان ذلك تكثراً للنجاسة، ومع الكثرة لا تصفى والمضغ والقصع: الحك بالظفر، ومنه قصع القملة.

فإن قلت: يعد قوله بالأمر في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "اغسليه" وقالوا الأمر للوجوب، قلت: لا نسلم أنه أمر بالغسل بالماء بل الأمر متعلق بنفس الغسل والإباحة بوصف الماء، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: ٢٥] (النساء: الآية ٢٥) ، فعلق الأمر بالإذن والإباحة بنفس النكاح فثبت بهذا أن يجوز أن يكون أحدهما واجباً والآخر مباحاً.

فإن قلت: نص على الغسل بالماء. قلت: هو مفهوم اللقب وهو غير حجة، ولأنه خرج مخرج الغالب في الاستعمال لا الشرط، ولأن تخصيص الشيء بالذكر لا ينفي الحكم عما عداه عندنا.

فإن قلت: غسله بالخل وماء الورد والخلاف إضاعة للمال وهي منهي عنها. قلت: إنفاق المال لغرض صحيح يجوز فلا يكون إضاعة، والماء بعد الإحراز في الأواني يكون مملوكاً، وقال: فلا يجوز استعمال إضاعة المال ويفرض المال فيما إذا كان للماء عزة فوق الخل، ولو سلم منع استعمال الخل في إزالة النجاسة فإذا استعمل فيها [ما] يزيلها كالماء الممنوع من استعماله لأجل العطش لو توضأ به وترك التيمم جاز، وكذا المغصوب.

[[الماء القليل إذا ورد على النجاسة]]

فروع: الماء القليل إذا ورد على النجاسة تنجس بها الماء، وقال أحمد: إن كان أرضاً فهو طاهر، وفي غير الأرض وجهان، وقال الإمام مالك: لا فرق بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء، لا ينجس فيهما إلا بالتغيير، وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إن ورود الماء على النجاسة يوجب تنجيسه، وورود النجاسة على الماء دون القلتين ينجسه وإن كانت النجاسة

<<  <  ج: ص:  >  >>