لأن النهر لا ينتفع به إلا بالحريم لحاجته إلى المشي لتسييل الماء، ولا يمكنه المشي عادة في بطن النهر وإلى إلقاء الطين، ولا يمكنه النقل إلى مكان بعيد إلا بحرج فيكون له الحريم اعتبارا بالبئر. وله: أن القياس يأباه على ما ذكرناه، وفي البئر عرفناه بالأثر والحاجة إلى الحريم فيه فوقها إليه في النهر؛ لأن الانتفاع بالماء في النهر ممكن بدون الحريم،
، ولا يمكن في البئر إلا بالاستقاء، ولا استقاء إلا بالحريم فتعذر الإلحاق.
ــ
[البناية]
وقال عامتهم: الصواب أنه يستحق للنهر حريما بالإجماع استدلالا بنص صاحب الشرع في حريم البئر؛ لأن النهر لا يستغني عن الحريم، كما لا يستغني البئر عنه.
وإنما اختلف أبو حنيفة وصاحباه في وضع الاشتباه وهو أن يكون الحريم موازنا للأرض لا فاصل بينهما، وأن لا يكون الحريم مشغولا بحق أحدهما كالطين والغرس. وأما إذا كان مشغولا بحق أحدهما فهو أحق به بالإجماع؛ لأنه ظهرت يده عليه بالشغل. وقال فخر الدين قاضي خان: وكذلك إذا كانت المسناة ترتفع من الأرض فهي لصاحب النهر؛ لأن الظاهر أن ارتفاعه لإلقاء طينه.
م:(لأن النهر لا ينتفع به إلا بالحريم لحاجته إلى المشي لتسييل الماء، ولا يمكنه المشي عادة في بطن النهر) ش: أي ولا يمكنه المشي في باطن النهر عادة، وهذا ظاهر م:(وإلى إلقاء الطين) ش: أي وحاجته إلى إلقاء طين النهر م: (ولا يمكنه النقل إلى مكان بعيد إلا بحرج، فيكون له الحريم اعتبارا بالبئر) ش: أي قياسا على حريم البئر.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (أن القياس يأباه لما ذكرناه) ش: أي يأتي، وهو قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حفر بئرا فله مما حولها أربعون ذراعا» . م:(وفي البئر عرفناه بالأثر والحاجة إلى الحريم فيه) ش: أي في البئر، والتذكير باعتبار القليب أو الجب م:(فوقها إليه في النهر) ش: أي فوق الحاجة إلى الحريم في النهر، وهذا جواب عمن قاس النهر على البئر، تقريره: أن الحاجة في النهر متحققة في الحال، وفي النهر موهومة باعتبار الإكراء، وقد لا يحتاج إليه، والانتفاع في البئر لا يأتي بدون الحريم، وفي النهر يتأتى م:(لأن الانتفاع بالماء في النهر ممكن بدون الحريم) ش: غير أنه يلحقه بعض الحرج في نقل الطين والمشي في وسطه.
[[الانتفاع في البئر بالحريم]]
م:(ولا يمكن في البئر إلا بالاستقاء) ش: أي لا يمكن الانتفاع في البئر إلا بنزح الماء م: (ولا استقاء إلا بالحريم) ش: لأنه يحتاج إلى مد الحبل ودوران الحيوان ونحوهما م: (فتعذر الإلحاق) ش: إذا كان ذلك يتعذر إلحاق النهر بالبئر، لأن البئر منصوصة، والنهر غير منصوص، فأخذنا فيه بالقياس. ألا ترى أن من بنى قصرا في مفازة لا يستحق بذلك حريما وإن كان يحتاج إلى ذلك لإلقاء الكناسة فيه لعدم ورود النص، إذ الحريم عندهما اعتبار، أي من حيث اعتبار الاستحقاق