قال: ومن كان له نهر في أرض غيره، فليس له حريم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلا أن يقيم بينة على ذلك. وقالا: له مسناة النهر يمشي عليها ويلقي عليها طينه. قيل: هذه المسألة بناء على أن من حفر نهرا في أرض موات بإذن الإمام لا يستحق الحريم عنده، وعندهما يستحقه؛
ــ
[البناية]
ش: لأن شرط الإحياء أن تكون الأرض في قهر آدمي م: (وهو اليوم في يد الإمام) ش: أي متروك الفرات ودجلة اليوم في يد الإمام فيقف إحياؤه على إذن الإمام.
وقال أبو يوسف في كتاب " الخراج ": إذا نضب الماء عن جزيرة في دجلة فليس لأحد أن يحدث فيها شيئا ما؛ ولأن رمال يسع مثل هذه الجزيرة إذا خصصت وزرعت كان ذلك ضررا على أهل المنازل، فلا يسع الإمام أن يفعل شيئا من هذه، ولا يحدث فيه حدث، فأما إن كان خارجا عن المدينة فهي بمنزلة يجنبها الرجل ويؤدي عنها حق السلطان.
ولو أن رجلا أتى طائفة في البطيحة مما ليس فيه ملك لأحد قد غلب عليه الماء فضرب عليه المنيات واستخرجه وأحياه وقطع ما فيه من القصب فإنها بمنزلة الأرض الميتة، وكذا كل ما عالج في أجمة أو بحر أو بر بعد أن لا يكون فيه ملك لإنسان فاستخرجه رجل وعمره فهو له وهو بمنزلة الموات.
ولو أن رجلا أحيا من ذلك ما كان له مالك قبله رددت ذلك إلى الأول ولم أجعل للثاني فيه حقا، فإن كان الثاني قد زرع فيه قبله نزعه وهو ضامن لما نقص من الأرض، وليس عليه أجر وهو ضامن لما قطع من قصبها، فكذلك ولو كانت هذه الأرض في البرية فيها نبات؛ لأنها بمنزلة القصب، إلى هنا لفظ كتاب " الخراج ".
م:(قال: ومن كان له نهر في أرض غيره، فليس له حريم عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: أي قال القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فمن كشف الغوامض الخلاف في نهر كبير لا يحتاج إلى كريه في كل وقت. أما إذا كان صغيرا بحيث يحتاج إلى كريها في كل وقت فله حريم بالاتفاق اعتبارا بالبراء م:(إلا أن يقيم بينة على ذلك) ش: أي على أن له حريما.
م:(وقالا) ش: أي أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله -: م: (له مسناة النهر يمشي عليها ويلقي عليها طينه) ش: قال في " الصحاح ": المسناة العرم وهو ما يبنى على حافة المسيل لرد الماء م: (قيل: هذه المسألة بناء على أن من حفر نهرا في أرض موات بإذن الإمام لا يستحق الحريم عنده، وعندهما يستحقه) ش: قال فخر الإسلام وغيره في " شرح الجامع الصغير " من أصحابنا: من قال أصل هذه المسألة أن من أحيا نهرا في أرض موات هل يستحق له حريمها؟ قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يستحقه.