ولا تقبل في الرضاع شهادة النساء منفردات، وإنما يثبت بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يثبت بشهادة امرأة واحدة إذا كانت موصوفة بالعدالة؛ لأن الحرمة حق من حقوق الشرع، فيثبت بخبر الواحد، كمن اشترى لحما فأخبره واحد أنه ذبيحة المجوسي.
ــ
[البناية]
التعدي، والتعدي إنما يحصل بقصد الفساد، والقصد إلى الفساد إنما يتحقق عند العلم بالفساد، وإذا انتفى العلم بالفساد انتفى الفساد، فكان اعتبار الجهل لدفع قصد الفساد، لا لدفع الحكم.
فإن قلت: قصد الفساد يستلزم دفع الحكم، فكان اعتبار الجهل لدفع الحكم.
قلت: لزم أن يكون ضمانًا ضمنًا، فلا يعتبر به.
[[شهادة النساء المنفردات في الرضاع]]
م:(ولا تقبل في الرضاع شهادة النساء المنفردات) ش: يعني وحدهن. وقال الشافعي: تقبل شهادة أربع منهن، وهو قول عطاء، وفي " الغاية ": وقال الشافعي: يثبت بشهادة أربع من النساء، ورجل وامرأتين، وتقبل بشهادة مرضعة إن لم تطلب، أجرة ولا ذكرت هاهنا، وكذا إذا قالت أرضعته في الأصح، ذكره النووي في " المنهاج "، وفي " الرافعي ": يثبت الرضاع بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وكذا بشهادة أربع نسوة، ولا يثبت بما دون أربع نسوة، وقبل أحمد شهادة المرضعة.
وفي " المغني ": شهادة الواحدة مقبولة في الرضاع عند أحمد، وهو قول طاوس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب وسعيد بن عبد العزيز، وعنه شهادة امرأتين، وعنه شهادة امرأة واحدة وتستحلف مع شهادتها وتفارق، وإن كانت كاذبة لم يحل عليها حول حتى تبيض ثدياها بالبرص، وفي الوبري قال الشافعي: يفرق شهادة امرأة واحدة. وقال مالك: تثبت بقول شاهدين، ويمنع من النكاح ابتداء، ويفرق بينهما لو كانت تناكحا.
م:(وإنما يثبت) ش: أي الرضاع م: (بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين) ش: وهو مذهب عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، ذكره في " المغني "، وفي " المحيط ": هو قول عمر، وعلي وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.
م:(وقال مالك: يثبت بشهادة امرأة واحدة إذا كانت موصوفة بالعدالة، لأن الحرمة حق من حقوق الشرع، فيثبت بخبر الواحد، كمن اشترى لحمًا فأخبره واحد أنه ذبيحة المجوسي) ش: فإنه ينبغي للمسلم أن لا يأكل منه، ولا يطعم غيره، لأن المخبر خبره بحرمة العين، وبطلان الملك، فتعينت الحرمة مع بقاء الملك، ثم لما تثبت الحرمة مع بقاء الملك لا يمكنه الرد على بائعة، ولا أن يحبس الثمن على بائعه.
قلت: هذا الذي ذكره أنه مذهب مالك ليس بمذهب مالك، وإنما هو مذهب أحمد، ومذهب مالك ما ذكرناه الآن.