للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب الاختلاف في الشهادة قال: الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت، وإن خالفتها لم تقبل؛ لأن تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبول الشهادة، وقد وجدت فيما يوافقها وانعدمت فيما يخالفها.

ــ

[البناية]

[[باب الاختلاف في الشهادة]]

[[كيفية موافقة الشهادة للمدعي]]

م: (باب الاختلاف في الشهادة) ش: أي هذا باب في بيان حكم الاختلاف في الشهادة، ولها فرع من مسائل الاتفاق في الشهادة شرع في بيان مسائل الاختلاف فيها، والمناسبة لقضية الطبع؛ لأن الاتفاق أصل، والاختلاف إنما هو يعارض الجهل والكذب فأضر لذلك.

م: (قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (الشهادة إذا وافقت الدعوى قبلت، وإن خالفتها لم تقبل) ش: موافقة الشهادة للمدعي أن تتحد أنواعاً، وكماً، وكيفاً، وزماناً، ومكاناً وفعلاً وانفعالاً، ووضعاً، وملكاً، ونسبة. فإنه إذا ادعى على آخر عشرة دراهم، وشهد الشاهد بعشرة دراهم، أو ادعى عشرة دراهم، ويشهد بثلاثين، إذا ادعى سرقة ثوب أحمر وشهد بأبيض، أو ادعى أنه قتل ولده يوم النحر بالكوفة وشهد بذلك يوم الفطر بالبصرة، أو ادعى شق زقه وإتلاف ما فيه، شهد بانشقاقه عنده، أو ادعى عقاراً بالجانب الشرقي من ملك فلان، وشهد بالغربي منه، أو ادعى أنه ملكه وشهد أنه ملك ولده، أو ادعى أنه عبده ولدته الجارية الفلانية، وشهد بولادة غيرها، لم تكن الشهادة موافقة للدعوى.

وأما الموافقة بين لفظيهما فليست بشرط. ألا ترى أن المدعي يقول ادعى علي غريمي هذا والشاهد يقول: أشهد بذلك، واستدل المصنف - رَحِمَهُ اللَّهُ - على ذلك بقوله: م: (لأن تقدم الدعوى في حقوق العباد شرط قبول الشهادة، وقد وجدت فيما يوافقها وانعدمت فيما يخالفها) .

ش: أما اشتراط تقدم الدعوى، فإن القاضي نصب لفصل الخصومات، فلا بد منها، ولا يغني بالخصومة إلا الدعوى، وأما وجودها عند الموافقة فلعدم ما يهدها من التكذيب، وأما عدمها عند المخالفة، فلوجود ذلك؛ لأن الشهادة لتصديق الدعوى، فإذا خالفتها وقد كذبتها، فصار وجودها وعدمها سواء، وإنما قيد بقوله في حقوق العباد احترازاً عن حقوق الله تعالى، فإن الشهادة فيها تقبل بدون الدعوى إذ حقوق الله تعالى واجبة على كل أحد، فكان كل واحد خصماً في إثباتها، قوله: " وانعدمت " أي الدعوى فيما يخالفها؛ لأن الشهادة لتصديق الدعوى، فإذا خالفها فقد كذبتها كما ذكرنا الآن، ويعتبر صدق الشاهد لا صدق المدعي في المخالفة. لأن الأصل في الشهود والعدول الصدق لا في المدعي لعدم شرطية العدالة فيه.

وفي " الذخيرة ": كما يشترط التوافق بين الدعوى والشهادة تشترط الموافقة بين الشاهدين

<<  <  ج: ص:  >  >>