ومن وضع درهما عند بقال يأخذ منه شاء يكره له ذلك؛ لأنه ملكه قرضا جر به نفعا، وهو أن يأخذ منه ما شاء حالا فحالا، ونهى رسول الله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عن قرض جر نفعا.
ــ
[البناية]
وأخرج الدارقطني أيضا عن معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن عثمان بن أبي سليمان عن نافع بن جبير بن مطعم عن علقمة بن نضلة الكناتي قال:«كانت بيوت مكة تدعى على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - السوائب، لا تباع، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن» .
فإن قلت: قال البيهقي: هذا الحديث فيه انقطاع ورفعه وهم، والصحيح وقفه.
قلت: فهذا ابن ماجه أخرجه بسند صحيح على شرط مسلم وأخرجه الطحاوي والدارقطني وغيرهما، وعلقمة هذا صحابي، كذا ذكره على هذا الشأن، وإذا قال الصحابي مثل هذا الكلام كان مرفوعا على ما عرف، وفيه تصريح عثمان بالسماع من علقمة فأين الانقطاع!.
[[وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء]]
م:(ومن وضع درهما عند بقال يأخذ منه ما يشاء يكره له ذلك) ش: البقال هو الذي يبيع قوابل الطعام وغيرها، وهذا في اصطلاح تلك البلاد، وأهل الشام يسمونه: القاضي وأهل مصر: الزيات.
م:(لأنه ملكه قرضا وجريه نفعا وهو أن يأخذ منه ما شاء حالا فحالا) ش: أي لأن وضع الدرهم ملك البقال ذلك الدرهم من حيث القرض.
فإن قلت: قوله: عند بقال يدل على أنه وديعة لأنه عنه للوديعة فلا فرق حينئذ بين صورة الوديعة والقرض، مع أنه فرق بينهما.
قلت: يجوز أن يكون قوله يأخذ منه ما شاء خارجا مخرج الشرط، يعني وضعه بشرط أن يأخذ منه ما شاء، وأما إذا وضعه ولم يشترط شيئا فهو وديعة إن هلك لا يضمن البقال شيئا.
م:«ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن قرض جر نفعا» ش: روى سعيد بن منصور في "سننه "، ثم البيهقي من حديث إسماعيل بن عياش عن عتبة بن حميد الضبي عن يحيى بن أبي إسحاق الهنائي قال: سألت أنس بن مالك فقلت: يا أبا حمزة: الرجل منا يقرض أخاه المال فيهدي إليه، فقال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أقرض أحدكم أخاه قرضا فأهدى إليه طبقا فلا يقبله، أو حمله على دابة فلا يركبها إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك»