للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية؛ لأنه تبرع لم يتم فجاز الرجوع عنه كالهبة، وقد حققناه في كتاب الهبة. ولأن القبول يتوقف على الموت، والإيجاب يصح إبطاله قبل القبول كما في البيع. قال: وإذا صرح بالرجوع أو فعل ما يدل على الرجوع كان رجوعا.

ــ

[البناية]

[[الرجوع عن الوصية]]

م: (قال) ش: أي القدوري م: (ويجوز للموصي الرجوع عن الوصية؛ لأنه) ش: أي لأن الوصية على تأويل الإيصاء. وفي بعض النسخ: لأنها، فلا يحتاج إلى التأويل م: (تبرع لم يتم) ش: لأنه مضاف إلى ما بعد الموت، والتبرع النافذ وهو الهبة يحتمل الرجوع، فالمضاف أولى واجتمع أهل العلم على جواز الرجوع للموصي في جميع ما أوصى كله أو بعضه م: (فجاز الرجوع عنه كالهبة، وقد حققناه في كتاب الهبة) ش: أي قد حققنا هذا في كتاب الهبة، إلا أن الكلام في الإعتاق إذا أوصى به فالأكثرون على جواز الرجوع في الوصية، وهو قول الأئمة الأربعة وعطاء وجابر بن زيد والزهري وقتادة وإسحاق وأبي ثور. وروي عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: يعين الرجل ما شاء من وصيته، ولم يعلم له مخالف حل الإجماع. وعن الشعبي وابن سيرين وابن شبرمة والنخعي: يعين منها ما شاء إلا العتق.

م: (ولأن القبول) ش: في الوصية م: (يتوقف على الموت) ش: أي موت الموصي م: (والإيجاب يصح إبطاله قبل القبول كما في البيع) ش: فإنه يجوز فيه رجوع البائع قبل قبول المشتري.

م: (قال) ش: أي القدوري: م: (وإذا صرح بالرجوع) ش: بأن قال: رجعت من وصيتي لفلان م: (أو فعل ما يدل على الرجوع كان رجوعا) .

ش: وفي " الذخيرة ": الرجوع ثلاثة أنوع: أحدهما استهلاك الموصي به حقيقة أو حكما كما أوصى بثوب فقطعه وخاطه قميصا أو بقطن فغزله ونسجه، أو بحديدة فصنعها سيفا فهذه التصرفات، استهلاك حكما، ألا ترى أن حق المغصوب منه ينقطع بهذه التصرفات ونوع من ذلك أن يخلطه بغيره خلطا، أي لا يمكن التمييز أصلا كالسويق إذا لته بسمن ونوع من ذلك أن يحدث نقصانا فيه حتى خرج عن هيئة الادخار والبقاء إلى يوم الموت بأن كان شاة فذبحها.

وأما الرجوع ضرورة بأن يتغير الموصى به ويتميز اسمه؛ لأنه لا يبقى بهذا موصى به بذلك إلى يوم الموت، كما لو أوصى بحنطة فهبت الريح في طاحونة فصارت دقيقا قبل موت الموصي بطلب الوصية أو أوصى بالكفوى في نخلة فصارت رطبا، أو أوصى بعنب فصار زبيبا، أو أوصى ببيض فحضنت دجاجة عليها فأخرجت فراريج بطلت الوصية.

ولو كان التغير في هذه المسألة بعد موت الموصي قبل قبول الوصية أو بعده لا تبطل الوصية؛ لأن التغير حصل بعد تمام الوصية فلا يوجب بطلانها.

<<  <  ج: ص:  >  >>