للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه، فعطبت ضمن ما زاد الثقل؛ لأنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه

ــ

[البناية]

أجيب عن الأولى بأن انتفاء الأجر عند الضمان إذا ملكه بالضمان بطريق الغصب، لأن الأجر في ملكه، وهاهنا لم يملك شيئا بهذا الضمان مما شغله بركوب نفسه وجميع المسمى بمقابله ذلك، وإنما يضمن ما شغله بركوب الغير ولا أجر بمقابلة ذلك ليسقط عنه لا يقال حين تقرر عليه ضمان نصف القيمة قد ملك نصف الدابة من حيث ضمن فينبغي أن لا يلزمه نصف الأجر؛ لأنا نقول إن الضرر ليس من قبل ثقل الراكب وخفته، وإنما هو باعتبار العدد، ولهذا يوزع الضمان نصفين.

وعن الثانية أنه إذا أركب غيره فهو مخالف في الكل، وهنا هو موافق فيما شغله بنفسه مخالف فيما شغله بغيره. ألا ترى أنه لو استأجرها لركوبه لم يجب الأجر إذا حمل عليها غيره ووجب الأجر إذا ركبها وحمل مع نفسه غيره.

[[استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا فحمل عليها أكثر منه فعطبت]]

م: (وإن استأجرها ليحمل عليها مقدارا من الحنطة فحمل عليها أكثر منه) ش: أي من المقدار الذي عينه م: (فعطبت ضمن ما زاد الثقل) ش: بكسرالثاء وفتح القاف وهو ضد الخفة وهو اسم معنى وبالسكون الحمل وهو اسم غيره م: (لأنها عطبت بما هو مأذون فيه وما هو غير مأذون فيه) ش: وقوله ما زاد الثقل مقيد بما إذا كان المزيد من جنس المسمى، بخلاف ما إذا كان من غير جنسه كما لو استأجرها ليحمل عليها كر شعير فحمل عليها حنطة بمثل ذلك الكيل فهلك ضمن جميع قيمتها.

والفرق أن في الأول هو مأذون في حق المزيد عليه، وفي حق الزيادة فلا يضمن لما أذن فيه. وفي الثاني تحققت المخالفة في الجميع فيضمن، وعند الشافعي وأحمد يضمن قيمتها كلها كما في الغصب، لأنه متعد إذا لم يكن معها صاحبها، وإن كان صاحبها معها فإن تلف بعد التسليم إلى صاحبها لم يضمن، وإن تلف في حال الحمل ضمن.

وفي قدر الضمان قولان، أحدهما: نصف القيمة. والثاني: أنه يسقط وما قابل الزيادة يجب، وإن لم يهلك يجب المسمى، وفيما زاد أجر المثل. وعن مالك خير المالك بين تضمين القيمة بالتعدي وبين أجر المثل.

فإن قيل: ما ذكرتم يتنقض بما إذا استأجر ثورا للطحن به عشرة مخاتيم حنطة فطحن أحد عشر مختوما فهلك ضمن الجميع، وإن كانت الزيادة من الجنس.

أجيب: بأن الطحن إنما يكون شيئا فشيئا فكما طحن العشرة انتهى الإذن فبعد ذلك هو مخالف في استعمال الدابة بغير الإذن فيضمن الجميع. فأما الحمل فيكون جملة واحدة فهو مأذون

<<  <  ج: ص:  >  >>