وروى جابر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة.
ثم كيفية الرمي أن يضع الحصاة على ظهر إبهامه اليمنى، ويستعين بالمسبحة ومقدار الرمي أن يكون بين الرامي، وبين موضع السقوط خمسة أذرع فصاعدا، كذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن ما دون ذلك يكون طرحا، ولو طرحها طرحا أجزأه لأنه رمى إلى قدميه، إلا أنه مسيء لمخالفته السنة. ولو وضعها وضعا لم يجزئه؛ لأنه ليس برمي، ولو رماها فوقعت قريبا من الجمرة يكفيه؛ لأن هذا القدر مما لا يمكن الاحتراز عنه، ولو وقعت بعيدا منها لا يجزئه؛ لأنه لم يعرف قربة إلا في مكان مخصوص.
ــ
[البناية]
م:(وروى جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة» ش: هذا الحديث لم يتعرض إليه أحد من الشراح، وهذا مفهوم ما جاء في حديث جابر الطويل - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة» ... الحديث.
[[كيفية رمي الجمرات ومقداره]]
م: (ثم كيفية الرمي أن يضع الحصاة على ظهر إبهامه اليمنى، ويستعين بالمسبحة) ش: أي بالسبابة وهي التي تلي الإبهام. قيل: إن المسبحة اسم جاهلي، وقال الكاكي - رَحِمَهُ اللَّهُ - اختلف المشايخ في كيفية الرمي، قال بعضهم يضع الحصاة على ظهر إبهامه ويستعين بالمسبحة كأنه عاقد سبعين. وقيل يأخذها بطرف إبهامه وسبابته كأنه عاقداً ثلاثين ويرميها، وقال بعضهم يحلق سبابته ويضعها على مفصل إبهامه كأنه عاقد عشرة ويرميها وبه قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وفي " الفتاوي الظهيرية " قال مشايخ بخارى كيفما رمى فهو جائز، والأول أصح، كذا في " المحيط " وقيل يضع رأس الإبهام عند وسط السبابة ويرمي بظفر الإبهام، وفي " البدائع «عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه وضع إحدى سبابتيه على الأخرى كأنه يحذف وكيفما رمى جاز» .
م:(ومقدار الرمي أن يكون بين الرامي، وبين موضع السقوط خمسة أذرع فصاعدا، كذا روى الحسن عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأن ما دون ذلك يكون طرحا) ش: فيكون مسبباً لمخالفة السنة م: (ولو طرحها طرحا أجزأه لأنه رمى إلى قدميه، إلا أنه مسيء لمخالفته السنة. ولو وضعها وضعا لم يجزئه؛ لأنه ليس برمي) ش: حكى القاضي عياض - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن المالكية أن الطرح والوضع لا يجزئ، قال: وقال أصحاب الرأي يجزئ الطرح ولا يجزئ الوضع.
قال: ووافقنا أبو ثور إلا أنه قال: إن كان يسمى الطرح رمياً أجزأه. وحكى إمام الحرمين عن بعض أصحاب الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه يكفي الوضع.
م:(ولو رماها فوقعت قريبا من الجمرة يكفيه؛ لأن هذا القدر مما لا يمكن الاحتراز عنه، ولو وقعت بعيدا منها لا يجزئه؛ لأنه) ش: أي لأن الرمي م: (لم يعرف قربة إلا في مكان مخصوص) ش: وهو الجمرة، لأن نفس الرمي ليس بقربة فلا يقع قربة إلا في المكان المخصوص الذي عينه الشارع.