ولو قال وغضب الله وسخطه لم يكن حالفا، وكذا ورحمة الله، لأن الحلف بهما غير متعارف، ولأن الرحمة قد يراد بها أثرها وهو المطر أو الجنة والغضب والسخط يراد بهما العقوبة.
ومن حلف بغير الله لم يكن حالفا كالنبي والكعبة؛ لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليذر» . وكذا إذا حلف بالقرآن لأنه غير متعارف
ــ
[البناية]
يحتمل إرادة بالحلف وقيل الموجود معدوم ولا تعارف في الحلف بالمعدوم، فكان المراد بالحلف بالقدرة هي الصفة القائمة بذات الله تعالى، بخلاف العلم إذا أريد به المعلوم، حيث لا يخرج المعلوم عن أن يكون معلوماً بالموجود، فظهر الفرق بين العلم والقدرة.
[[قال وغضب الله وسخطه]]
م:(ولو قال وغضب الله وسخطه لم يكن حالفاً) . ش: وكذا إذا قال وعذاب الله أو ثوابه أو رضاه، وبه صرح الحاكم في " الكافي " م: (وكذا) . ش: أي وكذا ليس يمين إذا قال. م:(ورحمة الله لأن الحلف بهما) . ش: أي بغضب الله وبرحمته. م:(غير متعارف) . ش: لأن الأصل أن كل ما يتعارفه العرف يميناً ولم يرد به النهي في الشريعة كان يميناً وكل ما لا يتعارفه العرف يميناً لا يكون يميناً. م:(ولأن الرحمة قد) . ش: يذكر. م:(يراد بها أثرها وهو المطر) . ش: قيل هذا منقوض، بقدرة الله تعالى فإنه يقال انظر إلى قدرة الله تعالى، والمراد أثره، [....
... ] ، ومع ذلك يحلف بها. م:(أو الجنة) . ش: أي يذكر الرحمة ويرد بها الجنة، قال الله عز وجل {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[آل عمران: ١٠٧] .
م:(والغضب) . ش: مبتدأ. م:(والسخط) . ش: عطف عليه وقوله. م:(يراد بهما العقوبة) . ش: خبر المبتدأ، ولو قال وأمانة الله يكون يميناً، لأن معناه والله اليمين، وأنه من صفات ذاته، كذا في " الشامل " وهذا الخلاف ما ذكره صاحب " التحفة " عن الطحاوي أنه لا يكون يميناً، وإن نوى بخلاف ما روي عن أبي يوسف أنه لا يكون يميناً، وهو الأصح لما روي عن زيد قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف بالأمانة فليس منا» ، وهو الأصح.
[[حلف بالنبي وبالكعبة]]
م:(ومن حلف بغير الله لم يكن حالفاً كالنبي والكعبة) . ش: أي قال والنبي لا أفعل هذا والكعبة كذلك. م:(لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) . ش: أي لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م:«من كان منكم حالفاً فليحف بالله أو ليذر» . ش: هذا الحديث أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع «عن ابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: " أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أدركه في ركب وهو يحلف بأبيه، فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليسكت " ولفظ الصحيحين: " أو ليصمت» وقال مخرج الأحاديث. عجب من الشيخ زكي الدين كيف عزاه للنسائي وترك الترمذي والنسائي لم يذكر، وذكره برمته.
م:(وكذا إذا حلف بالقرآن) . ش: لا يكون يميناً. م:(لأنه غير متعارف) . ش: لأنه يراد به المقدور هو غير الله تعالى. وقال الشافعي ظني ليس ينبغي أن يحلف رجل بتوريته من كتاب الله تعالى ولا بالقرآن ولا بالكعبة، ولا بالصلاة ولا بالصيام ولا شيء من طاعات الله عز وجل.
قال الأترازي: أنه لو حلف فقال والصلاة لا أفعل، كذا كان قد حلف بغير الله. وقال أبو