واختلفوا في سقوط ماليتها، والأصح أنه مال؛ لأن الطباع تميل إليها وتضن بها. ومن كان له على مسلم دين فأوفاه ثمن خمر لا يحل له أن يأخذه، ولا للمديون أن يؤديه؛ لأنه ثمن بيع باطل. وهو غصب في يده أو أمانة على حسب ما اختلفوا فيه كما في بيع الميتة. ولو كان الدين على ذمي، فإنه يؤديه من ثمن الخمر، والمسلم الطالب يستوفيه؛ لأن بيعها فيما بينهم جائز. والسابع: حرمة الانتفاع بها؛ لأن الانتفاع بالنجس حرام.
ــ
[البناية]
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إني أتيت بشراب جيد؟، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يا كيسان إنها حرمت بعدك ". قال: أفأبيعها يا رسول الله؟ قال:" إنها حرمت، وحرم ثمنها ". فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها فأهرقها» .
وأخرج أيضا «عن عبد الحميد بن جعفر، عن بشر بن حوشب، عن تميم الداري: أنه كان يهدي كل عام رواية خمر، فلما أنزل الله تحريم الخمر، جاء بها؛ فلما رآه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضحك. قال:" أشعرت أنها قد حرمت؟ " قال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفلا أبيعها، وأنتفع بثمنها؟. قال:" إن الله حرم الخمر، وثمنها» .
[سقوط مالية الخمر] ١
(واختلفوا في سقوط ماليتها) ش: أي اختلف العلماء في سقوط مالية الخمر م: (والأصح أنه مال) ش: غير متقوم م: (لأن الطباع تميل إليها وتضن بها) ش: أي تبخل به، وهذا هو حقيقة المال م:(ومن كان له على مسلم دين فأوفاه ثمن خمر) .
ش: وفي بعض النسخ. فأوفاه من ثمن خمر م:(لا يحل له أن يأخذه، ولا للمديون أن يؤديه؛ لأنه ثمن بيع باطل) ش: عنده إنما كان باطلا؛ ولأن الخمر مبيع، فكان باطلا م:(وهو غصب في يده أو أمانة) ش: أي هذا الثمن غصب في يده، وعلى قول أبي سعيد البرذعي: لأنه أخذه بغير إذن الشرع، [أما] على مذهب أبي نصر أحمد الطواويسي: لأنه أخذه برضى صاحبه م: (على حسب ما اختلفوا فيه) ش: أي في ثمن البيع الباطل على ما ذكرناه م: (كما في بيع الميتة) ش: يرجع إلى قوله: لأنه ثمن بيع باطل.
[[الانتفاع بالنجس]]
(ولو كان الدين على ذمي فإنه يؤديه من ثمن الخمر، والمسلم الطالب يستوفيه؛ لأن بيعها فيما بينهم جائز) ش: لأنها مال متقوم في حق الكافر، وبيعها جائز عنده م:(والسابع) ش: أي الموضع السابع م: (حرمة الانتفاع بها؛ لأن الانتفاع بالنجس حرام) .
ش: قال صاحب " العناية ": يريد بحرمة الانتفاع التداوي بالاحتقان، وسقي الدواب، والإقطار في الإحليل. قلت: أخذ هذا من كلام الكاكي. والكاكي من تاج الشريعة. ولكن قوله: حرمة الانتفاع أعم من هذه الثلاثة، والتخصيص بها تحكم، بل لا يجوز استعمالها في دهن أو طيب ونحوهما، ولا يجوز الإسقاط بها، وكذا التداوي بحقيقة وغيرها، ولا يجوز