قال: وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز لأنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع
وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: يصح؛ لأن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليك واحد فلا يتحقق الشيوع، كما إذا رهن من رجلين دارا. وله أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما. ولهذا لو كانت الهبة فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح. ولأن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف فيكون التمليك كذلك؛ لأنه حكمه وعلى هذا الاعتبار يتحقق الشيوع.
ــ
[البناية]
[[وهب اثنان من واحد دارا]]
م:(قال) ش: أي القدوري - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (وإذا وهب اثنان من واحد دارا جاز؛ لأنهما سلماها جملة وهو قد قبضها جملة فلا شيوع) ش: لأن المانع هو الشيوع عند القبض وقد انتفى. ونقل صاحب " الأجناس " عن الأصل إذا وهب رجلان دارا من رجل جاز في قولهم. ولو وهب رجل من رجلين دارا لم يجز في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: جاز، وفي الرهن من رجلين جاز في قولهم جميعا، وكذلك في الإجارة من رجلين جاز.
م:(وإن وهبها واحد من اثنين لا يجوز عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: يصح؛ لأن هذه هبة الجملة منهما، إذ التمليك واحد فلا يتحقق الشيوع، كما إذا رهن من رجلين دارا) ش: فإنه يجوز فالهبة أولى؛ لأن تأثير الشيوع في الرهن أكثر منه في الهبة، حتى لا يجوز الرهن في مشاع لا يحتمل القسمة دون الهبة، وبه قالت الثلاثة.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أن هذه هبة النصف من كل واحد منهما) ش: وهذا يثبت الملك ففي النصف هذا، وفي النصف هذا بالإجماع م:(ولهذا) ش: أي ولأجل كون هذه هبة النصف من كل منهما م: (لو كانت الهبة فيما لا يقسم فقبل أحدهما صح) ش: فصار كما لو وهب النصف لكل واحد منهما بعقد على حدة م: (ولأن الملك يثبت لكل واحد منهما في النصف) ش: هذا استدلال ثان، والفرق بين الاستدلالين أن الأول من جانب التمليك، وهذا من جانب الملك، فإذا ثبت الملك لكل واحد منهما في النصف م:(فيكون التمليك كذلك) ش: أي كالملك يكون لكل واحد منهما النصف م: (لأنه حكمه) ش: أي لأن بالتمليك حكم الملك فإذا ثبت الملك مشاعا ثبت التمليك كذلك؛ لأنه حكمه الحكم يثبت بقدر دليله م:(وعلى هذا الاعتبار) ش: أي الاعتبار المذكور، وهو ثبوت الشيوع في التمليك بثبوت الملك مشاعا م:(يتحقق الشيوع) ش: فتفسد الهبة.
فإن قلت: التمليك يحصل بالتسليم، ولا شيوع فيه دون القبض، والملك يتعلق بالقبض لبقي الضمان عن المتبرع، فوجب أن يعتبر جانبه وهو التسليم لا جانب القبض.
قلت: التسليم إنما يعتبر إذا حصل به التمكن من القبض على سبيل الكمال، ولأنه طريق