ولأن الحجة تجب قضاء لصحة الشروع فيها والعمرة لما أنه في معنى فائت الحج،
وعلى المحصر بالعمرة القضاء، والإحصار عنها يتحقق عندنا. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يتحقق؛ لأنها لا تتوقت. ولنا أن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وأصحابه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا؛ ولأن شرع التحلل لدفع الحرج، وهذا المعنى موجود في إحرام العمرة، وإذا تحقق الإحصار فعليه القضاء إذا تحلل كما في الحج. وعلى القارن حج وعمرتان، أما الحج وإحداهما فلما بينا، وأما الثانية لأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها.
ــ
[البناية]
م:(ولأن الحجة) ش: دليل آخر. م:(تجب قضاء لصحة الشروع فيها) ش: والشروع الصحيح ملزم. م:(والعمرة) ش: أي وقت العمرة. م:(لما أنه) ش: أي أن المحصر. م:(في معنى فائت الحج) ش: لأن في كل واحد منهما خروجًا عن الإحرام بعد الشروع قبل أداء الأفعال ثم فائت الحج يتحلل بأداء العمرة ويقضي الحج، فكذا هذا.
فإن قيل: العمرة في فائت الحج للتحلل، وهاهنا يحل بالهدي، فلا حاجة إلى إيجاب العمرة.
قلنا: والهدي لأجل لا يسقط العمرة الواجبة بعد تحقق الإحصار، لما أن المحصر في معنى فائت الحج، والعمرة واجبة، كذا ذكره العلامة حميد الدين - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وفي " المستصفى ": الهدي شرع لتعجيل التحلل عن الإحرام لا للتحلل عن الإحرام؛ لأنا لو شرطنا توقف تحلله بالعمرة يؤدي إلى إلحاق الضرر به لعجزه عنها بواسطة الإحصار.
[[ما يلزم المحصر بالعمرة]]
م:(وعلى المحصر بالعمرة القضاء؛ لأن الإحصار عنها يتحقق عندنا. وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يتحقق) ش: أي الإحصار عن العمرة. م:(لأنها لا تتوقت) ش: لعدم تحقق الفوات. م:(ولنا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا) ش: هذا الحديث قد صح من وجوه كثيرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أحصروا بالعمرة بالحديبية فقضوها من القابل، وكانت تسمى عمرة القضاء، على أن مالكًا قد أورد في " الموطأ «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان أهل بعمرة عام الحديبية» .
م:(ولأن شرع التحلل) ش: أي لأن مشروعية التحلل الكائن الناشئ من امتداد الإحرام. م:(لدفع الحرج، وهذا المعنى موجود في إحرام العمرة) ش: بالشروع، فيشرع التحلل. م:(وإذا تحقق الإحصار فعليه القضاء إذا تحلل كما في الحج) ش: أي كما في المحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة. م:(وعلى القارن) ش: أي وعلى المحصر القارن. م:(حجة وعمرتان، أما الحج وإحداهما) ش: أي وأحد العمرتين. م:(فلما بينا) ش: يعني في المفرد من كونه يعني فائت الحج.
م:(وأما الثانية) ش: أي وأما العمرة الثانية. م:(فلأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها) ش: فوجب قضاؤها، فإن بعث القارن هديًا، قال السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذكر القارن هنا وقع غلط ظاهر من النساخ، فالصواب أن يقال: فإن بعث المحصر، بيان الغلط من وجهين،