م:(باب الأذان) ش: أي هذا باب في بيان أحكام الأذان.
لما ذكر الأوقات التي هي تحصيل أسباب، وفي الحقيقة إعلام ذكر عقبها الأذان الذي هو: إعلام لتلك الإعلام وقيام الأوقات، لما أن فيها معنى السببية، والسبب يقدم على العلامة.
ثم " الأذان " له تفسير لغة وشريعة وثبوت وسبب ووصف وكيفية محل شرع فيه ووقت وسنن وما يجب على سامعه.
أما تفسيره لغة فهو: إعلام قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[التوبة: ٣](التوبة: الآية ٣) من: أذن يؤذن تأذينا وأذانا، مثل كلمه يكلمه تكليما وكلاما، فالأذان والكلام اسم لمصدر قياسي.
وقال الهروي: الأذان والأذين والتأذين بمعنى وقيل الأذين المؤذن فعيل بمعنى مفعل وأصله من الأذان كأنه يلقي في أذان الناس بصوته ما تدعوهم إلى الصلاة.
وأما تفسيره شريعة: فهو إعلام مخصوص في أوقات مخصوصة.
وأما سبب ثبوته فما رواه أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن علقمة بن مزيد عن أبي زيد عن أبيه قال:«مر أنصاري على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرآه حزنا، وكان الرجل ذا طعام فرجع إلى بيته واهتم لحزنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فلم يتناول الطعام فأتاه آت فقال: أتعلم حزن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من ماذا؟ هو من هذا الناقوس فمره فيعلم بلالا الأذان وذكره» أه.
وروى أبو داود في " سننه " قال: «اهتم النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - للصلاة كيف يجمع الناس لها وقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها أذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك قال. فذكر له القنع - يعني الشبور - فلم يعجبه ذلك فقال: هو أمر اليهود قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد وهو مهتم لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأري الأذان في منامه فغدا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره فقال يا رسول الله إني لبين النائم واليقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان فقال وكان عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما، ثم أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما منعك أن تخبرني فقال سبق عبد الله بن زيد فاستحييت فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله " قال: فأذن بلال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.»