ولا يجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا لم يجز له أن يتزوج بالأخرى؛
ــ
[البناية]
مالك أن غيره أحسن منه واقتصر الجمهور على تحريم ما ورد به الخبر، وقال شيخنا زين الدين: ليست الحكمة فيه قطيعة الرحم، بل المعنى فيه كما رجحه ابن عبد البر هو المعنى في تحريم الجمع بين الأختين، وذلك لأن أحد الأختين لو كان ذكرا لا يحل له نكاح الأخرى، فكذلك من هو بمنزلة الأختين كالعمة والخالة وبنت الأخت وليس كذلك بنت العم، وبنت العمة، وبنت الخال، وبنت الخالة، فإنه لو كان إحداهما ذكرا يحل له نكاح الأخرى.
وقد روي هذا المعنى عن الصحابة فيما ذكر ابن عبد البر من رواية معتمر بن سليمان عن فضيل بن ميسرة عن أبي حريز عن العتبي قال: كل امرأتين إذا جعل موضع إحداهما ذكرا لم يحل له أن يتزوج بالأخرى، فالجمع بينهما باطل، فقلت له: عمن هذا؟ فقال: عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأبو حريز بفتح الحاء المهملة وكسر الراء، وفي آخره زاي واسمه عبد الله بن حسين وهو قاضي سجستان، واختلف في الاحتجاج به فضعفه الجمهور، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن معين في رواية ووثقه في أخرى ووثقه أبو زرعة أيضا، ولم يحتج به الشيخان، وعلق له البخاري، وأخرج له ابن حبان في " صحيحه ".
[[الجمع بين المرأة وبنت زوج كان لها من قبل]]
م:(ولا يجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا لم يجز له أن يتزوج الأخرى لأن الجمع بينهما يفضي إلى القطيعة والقرابة المحرمة للنكاح محرمة للقطع، ولو كانت الحرمة بينهما بسبب الرضاعة يحرم لما لما روينا من قبل) ش: قال الأترازي: لو قال: لو كانت كل واحدة منهما رجلا كما في لفظ بعض القدوري لكان أولى لأن الشرط أن يتصور الرجل من كل جانب لا من جانب واحد وإلا ينتقض هذا الكلي بالمسألة التي تليه، وهي مسألة الجمع بين المرأة وبنت زوج كان لها من قبل، ثم إن الشراح قالوا في صورة قوله: ولا يجمع بين امرأتين ... إلى آخره، كالمرأة وعمتها فإن كل واحدة منهما لو فرضت ذكرا حرم العقد بينهما، لأنه لو فرضت المرأة ذكرا يحرم عليه نكاح عمته، ولو فرضت العمة ذكرا يحرم عليه نكاح بنت أخيه، فإذا لم يحرم الجمع بينهما إلا من جهة واحدة جاز الجمع بينهما كما إذا جمع بين امرأة وبين بنت زوج كان لها من قبل لأن إحداهما لو كان رجلا وهي الزوجة جاز له أن يتزوج الأخرى فلم يعم التحريم.
وقال زفر _ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - _: لا يجوز كما في الصورة الأولى، وهو مذهب ابن أبي ليلى والحسن البصري، وعكرمة، وفي الينابيع: إن كان النكاح لا يحل على كلا التقديرين لا يحل له أن يجمع بينهما بنكاح ولا بملك يمين وطأ ولا بالمس بشهوة ولا بالتقبيل، وإن كان يحل إلى إحدى التقديرين دون الآخر يحل عند الجمهور خلافا لزفر _ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - _.
وفي المجتبى: لفظ المصنف: لو كانت كل واحدة منهما رجلا لم يجز أن يتزوج بالأخرى، ولما وقع في بعض النسخ: لو كانت إحداهما رجلا سهوا وقع من الكاتب، لأنه ينتقض بالمسألة التي تليها، وإنما قال هذا لما عرف من دأب هذا الكتاب أن يذكر أصلا جامعا يخرج منه المسائل.