للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقديره ما ذكرناه في الحدود

والتاسع: أن الطبخ لا يؤثر فيها؛ لأنه للمنع من ثبوت الحرمة لا لرفعها بعد ثبوتها إلا أنه لا يحد فيه ما لم يسكر منه على ما قالوه؛

ــ

[البناية]

وكانوا في خلافة أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أكثر منهم في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال: لو فرضنا لهم حدا افتراضي نحو ما كان يضربون على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يجلدهم أربعين حتى توفي.

ثم كان عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - من بعدهم يجلدهم أربعين حتى أتي برجل من المهاجرين الأولين قد شرب، فأمر به أن يجلد، فقال: لم تجلدوني بيني وبينك كتاب الله. قال: وفي أي كتاب الله تجد أني لا أجلدك. فقال: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] الآية. شهدت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدرا، وأحد، والخندق، والمشاهد.

فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: ألا تردون عليه ما يقول؟. فقال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: إن هؤلاء الآيات أنزلت عذرا للماضين، وحجة على الباقين؛ لأنه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ} [المائدة: ٩٠] فإن كان من الذين آمنوا، وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأحسنوا، فإن الله قد نهى أن يشرب الخمر. فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فماذا ترون؟. فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: نرى أنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون جلدة. فأمر عمر - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فجلد ثمانون.

وقال الذهبي في " مختصره ": لا أعرف ابن فليح.

م: (وتقديره ما ذكرناه في الحدود) ش: أي، وتقدير الجلد ذكرناه في كتاب الحدود.

[[الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاها]]

م: (والتاسع) ش: أي الموضع التاسع م: (أن الطبخ لا يؤثر فيها) ش: أي في الخمر بعد أن صار خمرا. يعني أن الخمر إذا طبخت حتى ذهب ثلثاه لا يحل م: (لأنه للمنع من ثبوت الحرمة لا لرفعها بعد ثبوتها) ش: أي لرفع الحرمة بعد ثبوتها لأن أثر الطبخ في إزالة صفة الإسكار والخمر حرام، وموجب للحد بعينها لا لإسكارها.

وفي " القنية ": قيل: لو زالت حرارتها بالطبخ، يحل شربها؛ لأنها ما بقيت خمرا م: (إلا أنه لا يحد فيه ما لم يسكر منه) ش: أي إلا أن الشأن لا يحد في المطبوخ من الخمر ما لم يسكر. م: (على ما قالوا) ش: أي المشائخ. وإنما قال هكذا لأن محمدا - رَحِمَهُ اللَّهُ - لم يذكر أنه إذا شرب بعد الطبخ ولم يسكر.

ثم قالوا: قيل: يجب الحد. ثم قالوا: لا يجب لأنه ليس بخمر لغة، فإنه الخمر لغة:

<<  <  ج: ص:  >  >>