قال: ولا يصح الرجوع إلا بتراضيهما أو بحكم الحاكم؛ لأنه مختلف بين العلماء،
ــ
[البناية]
في النصف بلا عوض.
فإن قيل: قد تقدم أن العوض لإسقاط الحق فوجب أن يعمل الكل لئلا يلزم تجزؤ الإسقاط كما في الطلاق.
أجيب: بأنه ليس بإسقاط من كل وجه لما تقدم أن فيه معنى المقابلة، فيجوز التجزي باعتباره، بخلاف الطلاق.
[[لا يصح الرجوع في الهبة إلا بالبتراضي]]
م:(قال) ش: أي القدوري: م: (ولا يصح الرجوع) ش: أي في الهبة م: (إلا بتراضيهما) ش: أي بتراضي الواهب والموهوب له م: (أو بحكم الحاكم) ش: أراد أن الواهب يرفع أمره إلى الحاكم ليحكم على الموهوب له بالرد إليه، حتى لو استردها بغير قضاء ولا رضاء كان غاصبا، ولو هلك في يده يضمن قيمته للموهوب له.
وقال الشافعي وأحمد - رحمهما الله -: يجوز الرجوع في موضع له الرجوع بدون القضاء أو الرضى.
وقال شيخ الإسلام الأسبيجابي في شرح مختصره " الكافي ": ليس للواهب أن يرجع في هبته عند غير قاض؛ لأن العقد انعقد بتراضيهما، فلا ينفرد بالفسخ لعدم ولايته، وإذا فسخ لا ينفسخ إلا بتراضيهما على الفسخ، فيلزمهما بتراضيهما. انتهى.
واختلف المشايخ في معنى قولهم: لا يصح الرجوع إلا بقضاء أو تراض، فمنهم من قال: لأن الرجوع في الهبة مختلف فيه، كما ذكره المصنف، ومنهم من قال: إنما لم يكن للواهب أن يرجع بغير قضاء أو تراض؛ لأن الموهوب له ملك الهبة بالقبض رقبة وتصرفا، فلا يثبت إلا بهما، كما في الرد بالعيب بعد القبض، بخلاف من له خيار الرؤية، حيث ينفرد بالفسخ بعد القبض؛ لأن ما ثبت لفوات مقصود من مقاصد العقد.
ومنهم من قال: بأن الواهب في الرجوع مستوف بدل حقه بعد وقوع الملك للموهوب له رقبة وتصرفا لا يكون إلا بقضاء أو رضاء كما في الرد بالعيب، وكصاحب الدين إذا أراد أن يأخذ دينه من جنس آخر من مال المديون لا يملك إلا بقضاء أو رضاء، بخلاف خيار الرؤية وخيار الشرط، فإن من له الخيار ينفرد بالفسخ من غير قضاء ولا رضى لأنه بالفسخ مستوف عين حقه؛ لأنه لم يثبت هذا الخيار لفوات مقصود من مقاصد العقد، كذا في " المبسوط ".
م:(لأنه) ش: أي لأن الرجوع في الهبة م: (مختلف بين العلماء) ش: قال بعض الشراح منهم تاج الشريعة: لأن له الرجوع عندنا خلافا للشافعي فكان ضعيفا، فلم يعمل بنفسه في