أو لأنه معرف لبراءة الرحم، وهو المقصود أو لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -:
«وعدة الأمة حيضتان» فيلحق بيانا به. وإن كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ}[الطلاق: ٤](الطلاق: الآية ٤) .
ــ
[البناية]
والمراد شهران وبعض الثالث.
قلت: هذا بطريق المجاز ثبت على خلاف الأصل بالإجماع، فلا يقاس عليه غيره، مع أن ذلك إنما يستقيم في جميع غير مقرون بالعدد، وهنا مقرون بالعدد، وهو الثلاثة، وهو لفظ خاص لعدد معلوم فلا يحتمل غيره.
وأشار إلى المعنى الثاني بقوله: م: (أو لأنه) ش: أي أو لأن الحيض م: (معرف لبراءة الرحم) ش: إذ تعريف بقاء الرحم يحصل بالحيض لا بالطهر، لأن الحمل طهر ممتد، فيجتمعان فلا يحصل التعريف بأنها حامل أو حائل م:(وهو المقصود) .
ش: وأشار إلى المعنى الثالث بقوله: م: (أو لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي أو لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[[عدة الأمة]]
م:(وعدة الأمة حيضتان) ش: هذا الحديث قد مضى في كتاب الطلاق قبل باب إيقاع الطلاق بأربعة أسطر، ومعنى الكلام فيه هناك، والحاصل أن المصنف استدل به على أن القروء اسم للحيض، لأن الرق إنما يؤثر في التنصيف لا في النقل من الطهر إلى الحيض م:(فيلحق) ش: أي هذا الحديث م: (بيانا به) ش: أي من حيث البيان، بيانه أنه خبر الواحد، وإن كان لا يصلح به الزيادة على كتاب الله تعالى يصلح بيانا لما فيه من الإجمال والاشتراك، فكان قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «عدتها حيضتان» بيانا للمشترك في قَوْله تَعَالَى: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] فكانت الحيضة هي المرادة.
م:(وإن كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر فعدتها ثلاثة أشهر) ش: تقوم مقام ثلاث حيض في التي لا تحيض، وهذا بالإجماع لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ}[الطلاق: ٤](الطلاق: الآية ٤) ش: وهو قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ}[الطلاق: ٤] لكن حذف للدلالة المذكورة قَوْله تَعَالَى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ}[الطلاق: ٤] إن شككتم في دم البالغات مبلغ اليأس هو دم الحيض أو دم الاستحاضة، فإذا كان عدة المرتاب لها هذه فغيرها أولى.
وروى البخاري عن مجاهد قال: إن لم يعلموا يحضن أم لا يحضن، واختلفوا في حد الإياس، ففي " الفتاوى الصغرى ": حد الإياس غير مقدر بشيء، وفي رواية: مقدر بأن رأت بعد ذلك دما، هل يكون حيضا، فعلى رواية عدم التقدير يكون حيضا، وعلى رواية التقدير لا يكون حيضا، فعلى رواية التقدير اختلفت الروايات، فقال محمد: في الروميات خمس وخمسون سنة، وفي المولدات ستون سنة، لأن الروميات أسرع تكسرا. وعن أبي حنيفة: من خمس وخمسين إلى ستين. وقال محمد بن مقاتل والزعفراني: خمسون، وهكذا روي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وهكذا قال عبد الله بن المبارك وسفيان الثوري.